الجمعية العامة للأمم غير المتّحدة تجتمع على وقع طبول الحرب

 

سمر نادر – خاص النشرة

على أبواب السفارات الأميركية يحتشد زعماء العالم اليوم للحصول على تأشيرات لحضور ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​. بعضُهم حُرموا منها، في حين أنّ آخرين حصلوا عليها للمرة الأولى بعد أن حُجِبتْ عنهم منذ عقود.

تنتظر الأمم المتحدة زوارها على وقع طبول الحرب في دول “تعطّلت لغة الكلام” فيها، وخاطبت الصواريخ بعضُها بعضاً في الأجواء الإقليمية. وما عساه الأمين العامّ للمنظمة الدولية ان يفعل مع زعماء يتحاربون في الفضاء، وتحت الطاولات يرسمون بيد واحدة خرائط التجارة العالمية وصفقات على حساب الدول النامية؟.

في الدورة الثانية من حكم الرئيس الاميركي دونالد ترامب، تغيّر كل شيء، حتى هو نفسه! وعدَ العالم بالسلام، لكنه فشل في إيقاف حرب اوكرانيا، لا بل أهدى بعض أقاليمها الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقابل ان تسيطر اميركا على فنزويلا. اتفاق سرّي تمّ بين الجبارين في ألاسكا، حسب مصادر خاصة لـ”النشرة”. “يعني اعطيني لأعطيك”.

أيُّ جمعيةٍ أممية هذه، والدول الأعضاء عجزت، حتى الساعة، عن تأمين رغيف خبز لشعب غزة المتضوّر! أيُّ جمعيةٍ عامة هي اليوم، واوروبا تغلي تحت صفيح ساخن، و​الشرق الأوسط ملتهب في جو من تعثّر الحلول! أي جمعيّة هذه، والظالم يحظى بدعم وشعبيّة، والمظلوم لن يتمكن من ان يشارك ليعبّر عن ظلمه. فحتى كتابة هذه السطور، يبقى الرئيس الفلسطيني ممنوعاً من دخول نيويورك، ومن المتوقَّع ان يشارك في أعمال الجمعيّة من خلال الفيديو، في حين ان الرئيس السوري أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) سيشارك مع وزير خارجيته معزّزاً مكرَّماً من دون عقوبات، بعدما كان عضواً في تنظيم القاعدة التي أغدقت الولايات المتحدة المليارات على من يأتي برأس مؤسسها وعناصرها. غريب أمر أميركا! ففي كل عهد رئاسي، سياسة مختلفة تدور في فلك الخرائط والإستراتيجيات الجديدة.

يوم الجمعة الفائت، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشروعَ قرارٍ يؤيد “إعلان نيويورك” بشأن تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. إعلانٌ من شـأنه ان يعيد ​القضية الفلسطينية الى طاولة الحوار. لكن هل سيسمح مشروع “الريفييرا” والسيطرة على ​غاز غزة​، اللذين تتسابق عليهما كلٌّ من الولايات المتحدة وإسرائيل، بإقامة دولة فلسطين، وهما اللتان أعادتا القضية الى نقطة الصفر؟ حتماً ستكون فلسطين حاضرة على منبر القادة هذا العام. فأطفال غزة أيقظوا الإنسانية في كل زاوية في العالم، وأعادوا الى الحكومات العربية مسألة النظر مجدداً في الاصطفافات الإقليمية، بعدما كانوا غارقين في ​التطبيع مع إسرائيل​. فكلمتا السفيرين المصري والأردني في جلسة “إعلان نيويورك” كانتا عاليتَي النبرة، على غير اعتياد، بعدما استشعرا بالخطر بعد ضرب الدوحة، مُدركَين أنه “ما في حدا فوق راسو خيمة”.

في أروقة الأمم المتحدة، تستعد المنظمة لتأمين دخول واجتماعات دبلوماسية لوفود 193 دولة. وفي أروقة البنتاغون يسهر الجنرالات الأميركيّون، في مشهد يذكّر بالوقت الذي سبق الهجوم الأميركي على العراق. فما الذي تخطط له الولايات المتحدة؟ وهل تسبق الدبلوماسية قرار الحرب الكبرى التي تلوح في الشرق الأوسط، خاصة بعدما كشفت تقارير تؤكد ان واشنطن قد اتخذت قراراً بتغيير النظام في إيران قبل نهاية العام؟ ما يُزعج الأميركي اليوم هو التوافق الإستراتيجي بين مصر وتركيا. أمرٌ أقلق إسرائيل، فراحت تهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي اتفق مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على وقف تهجير أهل غزة من قطاعهم، أصبح واضحاً اليوم أن حلًّا لقضية غزة لا توافق عليه مصر لن يبصر النور. باختصار، ان ما يحصل اليوم من اصطفافات عربية وإقليمية من شأنه ان يغيّر الواقع على الأرض في حال نشوب الحرب الإقليمية.

بين السودان المقسّم والصومال المتشرذم، وبين صيحات قيام الدولة الفلسطينية وإغلاق الملف النووي الإيراني وما يتّصل به من أذرع في لبنان والعراق واليمن، وعلى ضفاف البحر الكاريبي، حيث يحشد ترامب سفنه الحربية لدخول فنزويلا. وفي اوكرانيا الغارقة بدماء أبنائها وتخسر أطرافها سنة بعد سنة، متمسكة باوروبا الغربية واميركا اللتَين تشحنانها بالأموال والأسلحة والعواطف النبيلة –وهذا كلّه جزءٌ من أزماتِ العالَم– تقفُ “الأمم غيرُ المتّحدة” شاهدةً غيرَ قادرة على حلّها، عاجزة أمام قضايا مصيرية سوف تغير جغرافيا الدول بعد حرب كبيرة… أصبحت وشيكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى