فيبي أكوا … صوت إفريقيا القانوني نحو محكمة العدل الدولية

نيويورك – زينة بلقاسم – ألأمم المتحدة
في مشهدٍ يعيد رسم الحضور الإفريقي في ساحات القانون الدولي، تبرز البروفيسور فيبي أوكوا، مرشحة كينيا لعضوية محكمة العدل الدولية في الانتخابات المقرر عقدها في 12 نوفمبر 2025، كأحد أبرز الأصوات القانونية النسائية على الساحة الأممية. تمثل البروفيسور “أوكوا” بخلفيتها الأكاديمية الرفيعة وتجربتها الواسعة في القانون الدولي العام مزيجًا فريدًا من الفكر الأكاديمي والممارسة القانونية، في مسيرةٍ تمتد من قاعات جامعة أكسفورد إلى أروقة الأمم المتحدة في لاهاي ونيويورك.

“أوكوا” التي زارت نيويورك في الثالث والعشرين من أكتوبر من السنة الجارية، ولدت في كينيا، وتخرجت في جامعة نيروبي بتفوقٍ نادر حيث حصلت على درجة البكالوريوس في القانون بمرتبة الشرف الأولى، قبل أن تتابع دراساتها العليا في جامعة أكسفورد، التي منحتها درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون الدولي العام. ومنذ ذلك الحين، شغلت مواقع أكاديمية مرموقة في جامعات كبرى، من كوين ماري بلندن إلى جامعة برينستون ومعهد الدراسات الدولية والتنموية في جنيف، وصولًا إلى جامعة نيويورك حيث عملت أستاذة زائرة في القانون الدولي.
لكن تميز البروفيسور ” فيبي أكوا” لا يقف عند الجانب الأكاديمي، بل يتجلى في سجلٍ مهنيٍ غنيّ كمستشارة قانونية وخبيرة في القضايا الدولية المعقدة. فقد شاركت كمستشارة في الرأي الاستشاري حول حق الإضراب أمام منظمة العمل الدولية، وأسهمت في ملفات تتعلق بـ التزامات الدول في مواجهة تغيّر المناخ أمام لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. كما عملت على قضايا تتعلق بـ القانون الإنساني الدولي والمسؤولية الدولية عن الجرائم الجماعية، مقدمةً نموذجًا متقدمًا في توظيف القانون لخدمة العدالة والمساءلة.
حصلت البروفيسور “أوكوا” على أوسمة وشهادات تقدير دولية، من بينها لقب “إي بي اس” “Elder of the Order of the Burning Spear (EBS)” الذي منحته لها الحكومة الكينية عام 2022 تقديرًا لإسهاماتها المتميزة في خدمة القانون الدولي. كما نالت دكتوراه فخرية من جامعة ستوكهولم عام 2024، إضافة إلى تكريمات من جامعات ومراكز بحثية في إفريقيا وأوروبا. أما على صعيد الانتماءات الدولية، فهي عضو في لجنة القانون الدولي للأمم المتحدة (ILC) للفترة 2023-2027، وعضو دائم في محكمة التحكيم الدائمة، وعضو في معهد القانون الدولي.
يمثل ترشحها لملء الشاغر في محكمة العدل الدولية أكثر من مجرد خطوة مهنية، فهو أيضًا لحظة رمزية لإفريقيا والنساء في ميدانٍ طالما احتُكر من قبل القوى التقليدية. إذ تحمل أوكوا على عاتقها طموح قارة تسعى لأن يكون صوتها القانوني مسموعًا في المحافل العالمية، خاصة في قضايا العدالة البيئية، والمسؤولية الدولية، وترسيخ الجنسية في العمل القانوني الدولي. وفي ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة، يكتسب ترشحها أهمية إضافية، فهو يعكس رؤية كينيا لدورٍ إفريقي فاعل داخل النظام الدولي، يقوم على مبادئ العدالة والتعددية والتعاون.
وتُقام فعاليات تعريفية في بعثات كينيا الدبلوماسية بالأمم المتحدة على هامش حملتها الانتخابية، من بينها لقاء حواري في نيويورك ليلة أمس كنا قد أسالفنا ذكره في الأعلى بمقر البعثة الكينية، يليه لقاء ثانٍ تنظمه بعثة الفلبين في الأمم المتحدة يوم 24 أكتوبر.
ولا تعتبر هذه اللقاءات مجرد محطات بروتوكولية، بل هي مساحات للتواصل مع ممثلي الدول الأعضاء، ولعرض رؤيتها حول إصلاح آليات العدالة الدولية، وتعزيز ثقة الدول النامية في مؤسسات القانون الدولي.
تأتي البروفيسور “فيبي أوكوا” في وقت تتزايد فيه التحديات القانونية في العالم، من أزمات المناخ والنزاعات المسلحة إلى انتهاكات السيادة، كرمزٍ لنهجٍ جديد يجمع بين الصرامة الأكاديمية والحسّ الإنساني، وبين الخبرة القانونية والالتزام الأخلاقي. فهي تؤمن، كما عبّرت في أكثر من مناسبة، بأن “العدالة لا تُقاس بنصوص القانون فقط، بل بقدرتنا على تطبيقها بعدل وإنصاف”. ولهذا، فإن فوزها المحتمل بعضوية محكمة العدل الدولية سيكون انتصارًا ليس لكينيا وحدها، بل لصوتٍ إفريقيٍ مؤمنٍ بأنّ العدالة العالمية تبدأ من المساواة في تمثيلها.




