هيذر نويرت مندوبة لواشنطن لدى الأمم المتحدة

 

واشنطن   ابراهيم مهدي

اختيار غير معتاد لقلة خبرتها في شؤون السياسة الخارجية”.. بهذه العبارة وصفت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية ترشيح هيذر نويرت للعمل كمندوبة لواشنطن بالأمم المتحدة، خلفا لنيكي هايلي التي ستترك عملها نهاية العام الجاري.

وأعلن الرئيس دونالد ترامب، الجمعة، ترشيحه متحدثة الخارجية نويرت (48 عاما) لتولي منصب مندوبة واشنطن بالأمم المتحدة، خلفا لهايلي، التي أعلنت استقالتها بشكل مفاجئ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

* الولاء لترامب ورجاله

ورغم وصف ترامب لنويرت بأنها “امرأة موهوبة وذكية وسريعة جدا، وستحظى باحترام الجميع”، إلا أن إعلام أمريكي شكك في حديثه وانتقده بشدة، واعتبر أن تأييدها لإسرائيل وولائها لترامب كان من بين العوامل الأساسية للاختيار.

وقالت وكالة “بلومبيرغ” إن اختيار نويرت لهذا المنصب ينبع أساسا من كونها “موضع ثقة” لترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو، وأنها “من أبرز مؤيدي أجندة الرئيس الأمريكي”.

الوكالة نفسها قالت إن نويرت تتمتع بعلاقة قوية للغاية مع ابنة ترامب ومستشارته “إيفانكا” وزوجها (صهر الرئيس ومستشاره أيضا) غاريد كوشنر.

وفي السياق ذاته، لفتت الوكالة إلى أن علاقات نويرت بوزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون، لم تكن على ما يرام حيث أقصاها عن دائرته الداخلية، وهددت مرارا بالاستقالة.

لكن نويرت في المقابل، وحسب المصدر ذاته، كانت تحظى باهتمام خاص من قبل ترامب الذي أقال وزير خارجيته السابق في مارس/آذار 2018.

قضت نويرت (48 عاماً) غالبيّة مسيرتها المهنيّة كمراسلة ومذيعة في شبكة “فوكس نيوز” وقدّمت الأخبار العاجلة في برنامج “فوكس أند فرندس” على الشبكة نفسها. بدأت نويرت مسيرتها في تلك المحطّة منذ سنة 1998 واستمرّت فيها حتى سنة 2017 حين تمّ تعيينها في نيسان كناطقة باسم الوزارة. وعملت لفترة قصيرة (2005-2007) كمراسلة لشبكة “أي بي سي”.

شملت تغطيتها الإخباريّة أحداثاً بارزة من بينها هجمات 11 أيلول، حرب العراق والمجازر في دارفور، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الخارجيّة قبيل استلامها منصبها السابق. وكانت نويرت عضواً في “مجلس العلاقات الخارجيّة”، هي الحائزة على شهادتين في التواصل والإعلام. وبين آذار وتشرين الأوّل من السنة الجارية، عملت نويرت أيضاً في منصب مساعد وزير الخارجيّة للشؤون العامّة والديبلوماسيّة بالوكالة. نويرت متأهّلة من المصرفيّ سكوت نوربي ولهما ولدان.

“عليه  هذه القصّة”

عملت نويرت تحت قيادة وزيرين للخارجيّة الأميركيّة، ريكس #تيليرسون ومايك #بومبيو. لكن يبدو أنّ الأوّل لم يكن يثق بها كثيراً بحسب بعض التقارير. كتبت إليزا ريلمان في موقع “بيزنس إنسايدر” أنّ نورت استُبعِدت عن الحلقة الضيّقة لتيليرسون الذي “رفض” مساعدتها وكان يُنظر إليها على أنّها مثل “جاسوس للبيت الأبيض”. قد لا يكون الأمر غريباً بالنظر إلى العلاقة غير السلسة التي كانت تربط ترامب بتيليرسون والتي انتهت في نهاية المطاف بإقالة الرئيس الأميركيّ لوزير خارجيّته في آذار 2018. وما ضاعف من وقع القرار الرئاسيّ أنّه جاء حينها عبر “تويتر”.

وكانت وسائل إعلاميّة أميركيّة قد أشارت إلى أنّ تيليرسون وصف رئيسه ب “الأحمق” في صيف 2017. في تقرير آخر، ذكر الموقع نفسه أنّه حصل على رسالة وجّهتها نويرت إلى زميل لها في وزارة الخارجيّة تعرب فيها عن إحباطها من طريقة تعامل تيليرسون مع الموضوع بطريقة موارِبة حين كانت الصحافة تسأله عن هذه الحادثة. وأشارت إلى أنّه عليه “الإجابة على السؤال فقط وقتل هذه القصّة”.

انقلب الوضع 180 درجة

من جهة ثانية، حظيت نورت باهتمام خاص من ترامب الذي أعلن الشهر الماضي أنّه ينظر في مسألة تعيينها “على نحو جادّ” في المنصب الذي ستغادره هالي. وقال إنّ نويرت “ممتازة. إنّها إلى جانبنا منذ فترة طويلة. إنّها تدعمنا منذ وقت طويل”. ووصفها اليوم الجمعة ب “الموهوبة جدّاً” و “الذكيّة جدّاً”. بحسب ريلمان، طُرح اسم نويرت سابقاً لتولّي منصب الناطقة باسم البيت الأبيض. ولفتت الكاتبة النظر إلى الصعود السريع لنويرت من إعلاميّة في “فوكس نيوز” إلى “لاعب أساسيّ في الشؤون الدوليّة” مُرجعة سبب ذلك إلى أنّ كثراً من المستفيدين والفاعلين في الإعلام المحافظ يشغلون مناصب عديدة في الإدارة الحاليّة.

لكنّ هذا الدعم لم يعنِ أنّها نالت حظوة مميّزة لدى ترامب فهي نادراً ما التقت به في الاجتماعات الخاصّة إضافة إلى “عدم الترحيب بها (على متن) رحلاته الدوليّة”. لكن بحسب التقرير، كان تيليرسون نفسه السبب في ذلك، وقد فكّرت مرّات عدّة بتقديم استقالتها. لكنّ الوضع انقلب “180 درجة” مع مجيء بومبيو الذي تعمل معه ومع الرئيس عن كثب.

طوت نويرت مرحلتها الصعبة مع تيليرسون بنجاح. وهي اليوم مقبلة على طيّ مرحلة إيجابيّة كناطقة باسم وزارة الخارجيّة لتدخل حقبة جديدة عبر تمثيل بلادها في الأمم المتّحدة. لكن بحسب بعض المراقبين، ينقص نويرت الكثير من الخبرة كي تخوض عملاً ديبلوماسيّاً مضنياً داخل أروقة المنظّمة الأمميّة التي تضمّ كبار الديبلوماسيّين المحنّكين على الساحة الدوليّة. ويكفي إلقاء نظرة على ما قاله عدد من الديبلوماسيّين والمسؤولين الأميركيّين لمجلّة “فانيتي فاير” الشهر الماضي حتى يدرك المراقب صعوبة الوضع الذي ينتظر نويرت.

“لن تعرف من أين ستبدأ”

رأى بريت بروين، ديبلوماسيّ سابق ومدير الانخراط الدوليّ في إدارة باراك أوباما أنّ نويرت، بذهابها إلى نيويورك، “ستواجه ببساطة مجموعة كاملة ومختلفة من التحدّيات التي أثبتت أنّها غير قادرة على اجتيازها، ناهيك حتى عن معرفة من أين ستبدأ”. وأضاف مسؤول في إدارة سابقة: “ليس هنالك على الإطلاق ما يؤهّلها إلى هذا المنصب، باستثناء تقديم بعض نقاط الحديث حول السياسة الخارجيّة”. وفي حديث للمجلّة نفسها، كان للبعض آراء أقلّ تشدّداً، حتى وإن لم تخرج عن دائرة التوقّعات غير الإيجابيّة. فقد قال مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الخارجيّة: “لا أعتقد أنّه خيار قويّ وصلب … لكنّني أيضاً لا أعتقد أنّه كارثة. إذا كان صحيحاً أنّها ستكون الخيار، لن تكون سيّئة بالمقدار الذي يتكهّنه البعض. باختصار، بإمكانها على الأرجح إنجاز العمل، إنّما ببساطة لن تضيف الثقل إلى الموقع”.

ستكون نويرت أمام تحدّ كبير بإثبات فشل التحليلات التي تقدّم توقّعات سلبيّة أو فاترة حول عملها الديبلوماسيّ المستقبليّ. لكن حتى ذلك الحين، سيكون عليها كسب ثقة مجلس الشيوخ الذي سيعود إليه أمر المصادقة على تعيينها. واجه بومبيو صعوبة بارزة قبل موافقة المجلس على تعيينه وزيراً للخارجيّة. فهل ستواجه نويرت المسار الشائك نفسه في المجلس الذي يحتفظ الجمهوريّون بالسيطرة عليه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى