مصر : مشروع قانون اللجوء يهدد حقوق اللاجئين

KHALED DESOUKI/AFP via Getty Images
نيويورك – رشادالخضر- ألأمم المتحدة
مراجعة مشروع القانون بالتشاور مع المجتمع المدني ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن مشروع قانون اللجوء المصري، إذا تم إقراره، قد ينتهك حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء. من شأن القانون أن يعيق عمل وكالات الأمم المتحدة وغيرها من الجهات التي تقدم خدمات حيوية وينتهك التزامات مصر بموجب القانون الدولي.
وافق البرلمان المصري على قانون لجوء الأجانب في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في عملية متسرعة دون مشاورات جادة مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو جماعات المجتمع المدني. ينتظر مشروع القانون، الذي سيكون أول قانون ينظم اللجوء وشؤون اللاجئين في مصر، التصديق عليه من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي. ومن المقرر إصدار اللائحة التنفيذية المصاحبة في غضون ستة أشهر.
قالت لورين سيبرت، باحثة حقوق اللاجئين والمهاجرين في هيومن رايتس ووتش: “إن قوانين اللجوء الوطنية مطلوبة بشدة في شمال أفريقيا، لكن مصر تتعجل في إصدار قانون معيب لن يؤدي إلا إلى تفاقم الفجوات في الحماية والمخاطر التي يواجهها اللاجئون وطالبو اللجوء. وينبغي للحكومة أن تستجيب لدعوات المجتمع المدني لمراجعة هذا التشريع بما يتماشى مع المعايير الدولية”.
راجعت هيومن رايتس ووتش نسخة من مشروع قانون اللجوء نشرتها وسائل الإعلام المحلية على الإنترنت بعد موافقة البرلمان. ويبدو أن النسخ المتاحة تختلف قليلاً في اللغة.
إذا تم إقراره، فإن مشروع القانون من شأنه أن يزيد من خطر قيام السلطات برفض أو سحب اللجوء بشكل تعسفي. وسوف يفشل في حماية حقوق طالبي اللجوء، ويسمح للسلطات باستخدام سلطات الطوارئ لتقليص الحقوق، وإجبار اللاجئين على الامتثال لقواعد غامضة الصياغة، وتجريم الدخول غير النظامي والمساعدات غير الرسمية لطالبي اللجوء.
وينبغي للرئيس إعادة مشروع القانون إلى البرلمان، الذي ينبغي أن يتشاور مع المجتمع المدني والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بطريقة مدروسة وشفافة لتصحيح لغة مشروع القانون.
إن مصر طرف في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 واتفاقية اللاجئين الأفريقية لعام 1969. إن دمج هذه الالتزامات الدولية في القانون المحلي وتحمل مسؤولية أكبر لإدارة عملية اللجوء، كما سعت السلطات إلى القيام بذلك من خلال هذا القانون، من الأهداف المهمة. ومع ذلك، وبسبب الافتقار إلى التشاور أثناء صياغة مشروع القانون وبسبب الثغرات القانونية في النص والثغرات واللغة غير الواضحة والعناصر غير المتوافقة مع المعايير الدولية، فإن اعتماد القانون سيكون خطوة إلى الوراء لحماية اللاجئين في مصر، كما قالت هيومن رايتس ووتش.
منذ عام 1954، وبموجب مذكرة تفاهم مع الحكومة، سجلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين طالبي اللجوء، وحددت وضع اللاجئ، وأصدرت وثائق للاجئين وطالبي اللجوء في مصر. من شأن القانون الجديد أن يحول هذه المسؤوليات إلى هيئة تنظيمية وطنية جديدة تسمى اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين. كما ستعمل اللجنة على ضمان تقديم الدعم والخدمات للاجئين والتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقد تم تسجيل أكثر من 845 ألف لاجئ وطالب لجوء لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024. ومن المرجح أن يكون هذا الرقم أقل من العدد الحقيقي ولا يشمل طالبي اللجوء غير المسجلين، الذين غالبًا ما تخلطهم السلطات المصرية بالمهاجرين غير النظاميين.
وقد وثقت هيومن رايتس ووتش ومجموعات أخرى بالفعل العديد من انتهاكات حقوق الإنسان ضد طالبي اللجوء واللاجئين في مصر في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية وسوء المعاملة، وتقييد الوصول إلى التعليم، ومتطلبات التأشيرة التي تمنع الوصول إلى الأمان، والطرد غير القانوني إلى السودان وإريتريا.
وقد أعربت جماعات حقوق الإنسان في مصر عن العديد من المخاوف بشأن مشروع قانون اللجوء، بما في ذلك بشأن استقلال اللجنة الجديدة والتسرع في التحول إلى نظام جديد دون عملية انتقال متفق عليها. وبموجب المادتين 35 و36 من اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، ينبغي للدول أن تتعهد بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بما في ذلك إبلاغ المفوضية بالتشريعات التي قد يتم اعتمادها فيما يتعلق باللاجئين. ومع التطوير السري والموافقة المتسرعة على مشروع القانون، فشلت مصر في الوفاء بهذا الالتزام بموجب المعاهدة وينبغي لها أن تعكس مسارها.
وبموجب مشروع القانون، فإن المعايير التي من شأنها استبعاد الأشخاص من حق اللجوء أو إلغاء وضعهم كلاجئين فضفاضة للغاية ولا تتفق مع المعايير الواردة في اتفاقيات الأمم المتحدة أو اتفاقيات اللاجئين الأفريقية. ونتيجة لذلك، يمكن حرمان الأشخاص تعسفياً من الوصول إلى الحماية أو تجريدهم منها.
كما يتطلب القانون من اللاجئين الالتزام بالتزامات محددة أو مواجهة إلغاء وضعهم كلاجئين والترحيل. وتشمل هذه الالتزامات حظر المشاركة في الأنشطة السياسية أو النقابية، وهو ما لا يتماشى مع القانون الدولي، فضلاً عن شرط احترام قوانين مصر و”القيم” و”التقاليد” غير المحددة للمجتمع المصري. كما يحظر القانون الأنشطة التي “تضر بالأمن القومي أو النظام العام” و”الأعمال العدائية” ضد دول أخرى، والتي يعاقب عليها بغرامة أو بالسجن. تحتوي هذه الأحكام على مصطلحات غامضة يمكن إساءة استخدامها بسهولة.
في حين أن مشروع القانون ينص على أن “المجتمع المدني لا يحترم حقوق الإنسان، فإنه لا يحترم حقوق الإنسان”.
لمزيد من تقارير هيومن رايتس ووتش حول حقوق اللاجئين والمهاجرين، يرجى زيارة : https://www.hrw.org/topic/refugees-and–migrants