مدير أمن عدن اللواء الحامد عالق في الرياض في ضل شبكة نفوذ المدير السابق ؟

متابعة – علي مستور – المصدر
الأسبوع الماضي، ظهر مديري أمن عدن السابق والحالي في صورة جمعتهما معًا في أحد فنادق العاصمة السعودية الرياض برفقة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي في زيارة قالت مصادر مقربة من الأول إنها جاءت تلبية لدعوة سعودية للرجل القوي في فصائل الحراك الجنوبي المطالب بالإنفصال.
وإذا كانت هذه الصورة تقدم رسائل اطمئنان عن إمكانية التوافق بين القائدين الأمنيين والمضي في عملية الاستلام والتسليم لمنصب مدير الأمن، فهي أيضًا تضع سؤالاً عريضاً في أوساط المجتمع المحلي بالمدينة حول فرص نجاح المدير الجديد في تجاوز التركة والمخلفات التي أنتجتها فترة قيادة المدير السابق.
والآن لم يعد الناس في عدن يهتمون بالفكرة الشكلية لعملية التسليم والإستلام المرتقبة بين شلال شائع وأحمد الحامد، لكنهم يبحثون في العمق عن فرص نجاح المدير الموالي للحكومة الشرعية في القيام بخطوات متقدمة لتحسين أداء الأجهزة الأمنية في المدينة التي تخضع لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي.
هل ينجح قائد الأمن الجديد؟
كان من المفترض أن يكون مدير الأمن الجديد اللواء أحمد الحامد موجوداً منذ شهرين في العاصمة المؤقتة للبلاد لمباشرة مهامه في إدارة المدينة من الناحية الأمنية، ولكن عودته المرتقبة، لا تقدم تأكيداً على أن إدارة الرجل بوسعها أن تنجح في ظل قائمة من الملفات الصعبة التي برزت خلال الخمسة أعوام الأخيرة.
ويقف ملفا تفكيك شبكة نفوذ المدير السابق، وتفعيل مراكز الشرطة الرسمية، كاختبار ومعيار أساسي لنجاح إدارة الرجل في تجاوز الفشل الذي صاحب الأجهزة الأمنية الرسمية خلال السنوات الماضية.
وهذا الفشل له أسباب عدة أبرزها تهميش الكوادر الأمنية، وغياب التنسيق الفعال بين وحدات الأمن، إضافة إلى التداخل في صلاحيات ومهام المليشيا والقوات الرسمية نتيجة خضوع هذه القوى لسيطرة ونفوذ دولة الإمارات التي أستخدمتها في معارك جانبية خارج الملف الأمني.
وهذه الأخيرة لعبت دورًا بارزًا في تراجع أداء قوات الأمن الرسمية لصالح القوات المحلية التي أنشأتها ودربتها هي في أواخر العام 2015، فيما دعمت الإمارات بالمقابل قوات الأمن التي يقودها اللواء شلال علي شائع وأخضعتها لها، لكنها منحتها دوراً رديفًا وثانويًا تالياً للقوات والفصائل المحلية التي دربتها ومولتها منذ أواخر العام 2015.
تفكيك شبكة نفوذ المدير السابق.. هل تنجح؟
والآن تمثل شبكة الولاءات والنفوذ العميقة التي تنتشر على نطاق واسع في أجهزة الأمن في مدينة عدن تحديًا كبيراً في طريق المدير الجديد الذي سيجد نفسه وسط قادة يدينون بالولاء للمدير السابق من جهة فيما قسم منهم يخضع لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
وتواجه إدارة الرجل هذا الاختبار وسط غياب أدوات القوة لمواجهته في المدينة التي تخضع لسيطرة حلفاء قائد الأمن السابق، وبالتالي فإنه من المرجح أن يقود المدير الجديد مهمة طويلة لتفكيك القوات الموالية للمدير السابق.
وهذه العملية التي من المتوقع أن تتلقى تأييداً من المجتمع المحلي في المدينة الجنوبية الساحلية، ستقابل برود فعل مزدوجة معرقلة من قوات شلال شائع والمجلس الانتقالي الجنوبي معًا؛ إذ يعتقد المجلس الجنوبي المدعوم من الإمارات أن ذلك سيساعد في إضعاف نفوذه وحضوره الأمني في المدينة لصالح تعزيز حضور القوى الرسمية التابعة للحكومة.
وتتكون شبكة النفوذ هذه من قوى شديدة الولاء للمدير السابق وهي تنتمي إلى محافظة الضالع التي ينتمي لها اللواء شائع وتضم العشرات من القادة المتواجدين في مقر إدارة الأمن وعلى رأس الوحدات الصغيرة بالإضافة إلى المئات من الجنود الذين تجندوا وانضموا لقوات الأمن في عدن منذ إستلام المدير السابق منصبه قبل حوالي خمسة أعوام.
وتتضمن وسائل تفكيك هذه الشبكة تعيين كوادر جديدة في مراكز الشرطة في المديريات الثمان، والبدء بهيكلة واسعة في المرافق الإدارية والتنفيذية بإدارة الأمن، بالإضافة إلى جلب الدعم لتعزيز دور قوات الأمن الرسمية وهذا يندرج ضمن إطار عام من المواجهة الخفية المفترضة بين مدير الأمن من جهة والمجلس الانتقالي والإمارات من جهة أخرى.
وتبرز مهمة تركيز الدعم باتجاه قوات الأمن في مسعى لاستعادة الدور الأمني الرسمي نتائج مزدوجة فهي تضع التحالف أمام مسؤولياته في تنفيذ الإتفاق الذي رعته قائدة التحالف والذي نص على استلام قوات الشرطة ملفات تأمين المدن المشار إليها في نص الإتفاق من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا يأتي ضمن استراتيجية تفكيك وهيكلة القوى المحلية.
لماذا لم يعد اللواء الحامد إلى عدن؟
في رده حول سؤال يتعلق بتعثر عملية الاستلام والتسليم بين مديري أمن عدن السابق والحالي حتى الآن، قال مصدر أمني في وزارة الداخلية إن الأسباب التي تحول دون استلام اللواء الحامد مهامه ترتبط بالبحث في مستقبل قائد الأمن السابق بعد تسليمه منصبه.
وبحسب المصدر الذي رفض الإفصاح عن اسمه لأسباب شخصية إن شائع يسعى لتلقي ضمانات بتعيينه في أحد المواقع الأمنية المهمة قبل تسليمه إدارة أمن عدن، وفي مقابل ذلك فإن القوات التابعة له ستواصل إحكام سيطرتها التامة على الأجهزة الإدارية والتنفيذية لإدارة أمن عدن في إطار تفعيل أدوات الضغط على السعودية على الأرض.
ويقول المصدر إن زيارة شلال شائع إلى السعودية أتت بطلب رسمي من الرياض للتشاور مع الرجل إلى جانب قيادة المجلس الانتقالي، وهذه المشاورات وفق المصدر الأمني لا تناقش فقط إجراءات التسليم والإستلام، لكنها تتجاوز ذلك إلى مناقشة الجواب عن سؤال: أين سيكون موقع شلال شائع فيما بعد؟
وأفاد المصدر الأمني انه من المرجح ان يتحصل شائع على منصب نائب وزير الداخلية وهو مقترح وسط تؤيده السعودية ويجري النقاش بشأنه حاليًا، لكنه أشار إلى أن الحكومة التي لم يصدر عنها موقف واضح إزاء ذلك كما أنه لم يتم تأكيد ذلك بشكل دقيق.
وإلى ذلك؛ قال المصدر إن هناك خيارات بديلة لتعيين اللواء شلال علي شائع في مناصب أخرى بينها ان يكون وكيلًا لوزارة الداخلية، أو ان يعين في منصب عسكري مهم.
ويتلقى شائع تأييدًا من قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي فيما يخص حصوله على منصب أمني مهم بعد تسليمه منصبه، لضمان الاستفادة من نفوذ وحضور الرجل من جهة في مواجهة الأطراف الحكومية، ومن جهة أخرى يريد الانتقالي تجنب خيار التخلي عن الرجل خشيةً من ان يتسبب هذا في فتح جبهة داخلية بين قوى المجلس الانتقالي نفسها.
ويدور صراع قديم من نوع آخر حول زعامة فصائل الحراك الجنوبي بين اللواء شائع ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزُبيدي في محافظة الضالع قبل العام 2015، لكن إستقطاب الإثنين معًا ضمن فريق حلفاء الإمارات ساهم في تجميد خلافات الرجلين.
وهناك أسباب أخرى تساهم في تأخر عملية الإستلام والتسليم، وهذه المرة من جانب مدير الأمن المعين الذي يسعى إلى ضمان حصوله على الدعم الكافي لإدارة ملف الأمن في المدينة المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد قبل حوالي 5 أعوام.
وتقول ثلاثة مصادر سياسية وأمنية مطلعة على النقاش المتعلق بإجراءات التسليم والاستلام بين مديري أمن عدن السابق والحالي، أن الأخير يسعى إلى ضمانات من التحالف والحكومة لمنحه صلاحيات كاملة فيما يخص تسلم الملف الأمني في مدينة عدن.
وهذه إشارة مباشرة للسعودية التي ترعى اتفاق الرياض وتشرف عليه بأنه يجب عليها تقديم وسائل الدعم اللازمة لإدارة اللواء الحامد الذي يسعى بحسب حديث المصادر الأمنية إلى تجنب وتجاوز العثرات التي تسببت في تراجع أداء الأجهزة الأمنية في مدينة عدن السنوات الماضية.
ولم يطلع المصدر على نوع هذه الضمانات التي طلبها مدير الأمن الحالي، لكن في واقع الأمر فإن هذه الضمانات من المرجح ان تشمل تأهيل مراكز الشرطة ومكاتب البحث التابعة لها، ودعمها بالخبرات الحديثة، وتأهيل أفراد الأمن.
وقال المصدر إن الجانب السعودي هو الآخر يسعى لإنجاز عملية منتظمة لملف الأمن بعدن في مسعى لتجاوز أحد أبرز العراقيل التي صاحبت اتفاق الرياض.