المفوض العام للأونروا أمام مجلس الأمن، يحذر من الحملة الخبيثة للقضاء على الوكالة

 

نيويورك –  صورية شعلال – ألأمم المتحدة

أمام مجلس الأمن الدولي، أكد المفوض العام للأونروا أن الوكالة تعد قوة استقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها العمود الفقري للإغاثة وتنسيق العمليات الإنسانية والمساعدات المنقذة للحياة في غزة. وحذر مما وصفها بالحملة الخبيثة للقضاء على عمل الأونروا.

في مستهل الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط، وقف الأعضاء دقيقة صمت حدادا على أرواح العاملين في المجال الإنساني الذين لقوا مصرعهم في غزة. جاء ذلك بدعوة من رئيس المجلس (مالطة) بناء على طلب من الجزائر وروسيا والصين.

وتحدث المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) عن الآثار التي خلفتها 6 أشهر من القصف المتواصل والحصار الذي لا يرحم في غزة.

وأشار إلى “المجاعة الوشيكة التي هي من صنع البشر”، وقال “في الشمال، بدأ الرضع والأطفال الصغار يموتون بسبب سوء التغذية والجفاف. وعبر الحدود ينتظر الغذاء والماء النظيف. ولكن الأونروا لا يُسمح لها بتوصيل هذه المساعدات وإنقاذ الأرواح”.

قال لازاريني إن الأونروا تواجه حملة لإبعادها عن الأرض الفلسطينية المحتلة. ففي غزة، تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إنهاء أنشطة الوكالة، مضيفا “طلبات الوكالة لتوصيل الإغاثة إلى الشمال تُرفض بشكل متكرر. موظفونا ممنوعون من المشاركة في اجتماعات التنسيق بين إسرائيل والجهات الإنسانية. والأسوأ من ذلك، استهدفت منشآت الأونروا وموظفوها منذ بدء الحرب”. وأشار إلى مقتل 178 موظفا لدى الأونروا في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.

مطالبة بإجراء تحقيق مستقل

وقال فيليب لازاريني إن المنشآت التي أخلتها الأونروا في غزة استخدمت لأغراض عسكرية من القوات الإسرائيلية وحماس وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى. وأضاف أن مقر الأونروا تم احتلاله عسكريا وظهرت ادعاءات تتعلق بوجود أنفاق تحت مرافق الوكالة.

وذكر أن موظفي الأونروا الذين احتجزتهم قوات الأمن الإسرائيلية تحدثوا عن شهادات مروعة لسوء المعاملة والتعذيب في الاحتجاز.

وطالب لازاريني بإجراء تحقيق مستقل وضمان المساءلة عن التجاهل الصارخ لوضع الحماية المكفول بموجب القانون الدولي لعاملي الإغاثة وأنشطتها ومرافقها. وقال إن عدم فعل ذلك سيخلق سابقة خطيرة ويقوض العمل الإنساني حول العالم.

الضفة الغربية

وانتقل المفوض العام للأونروا للحديث عن الوضع المقلق للغاية في الضفة الغربية المحتلة. وقال إن الهجمات اليومية من المستوطنين الإسرائيليين والاقتحامات العسكرية وتدمير المنازل والبنية الأساسية المدنية، جزء من نظام الفصل والقمع.

وذكر أن المساحة التشغيلية للأونروا تتقلص في ظل تدابير تعسفية تفرضها إسرائيل للحد من وجود وحركة الموظفين بما يُصعب بشكل متزايد إبقاء المدارس والمراكز الطبية مفتوحة ومتاحة للناس. وأشار إلى أن تدابير تشريعية وإدارية تجري الآن لإجلاء الأونروا من مقرها الرئيسي في القدس الشرقية ومنع عملها داخل إسرائيل.

وكرر لازاريني التأكيد على أن الدعوات لإغلاق وكالة الأونروا لا تتعلق بالامتثال للقواعد الإنسانية، ولكن بمحاولة إنهاء “وضع اللجوء” لملايين الفلسطينيين. وقال إن اتهام الأونروا بأنها تطيل أمد حالة اللجوء هذه، كاذبة وغير صادقة.

3 مناشدات

ووجه لأعضاء مجلس الأمن 3 نداءات: أولا أن يعملوا بما يتوافق مع قرار الجمعية العامة رقم 302- الذي يُنشئ الأونروا، وأن يحموا الدور الحيوي الذي تقوم به الوكالة الآن وأيضا في سياق إطار عمل المرحلة الانتقالية. وهنا قال إن الأونروا لا يمكن أن تتخلى عن دورها في توفير الخدمات الحيوية وحماية حقوق الإنسان إلا بعد التوصل إلى حل سياسي.

ثانيا، حث المسؤول الأممي أعضاء المجلس على الالتزام بعملية سياسية حقيقية تكتمل بالتوصل إلى حل يحقق السلام للفلسطينيين والإسرائيليين.

ثالثا، الإقرار بأن العملية السياسية وحدها لن تضمن السلام المستدام. وقال إن الجروح العميقة في المنطقة لا يمكن أن تُداوى إلا بغرس التعاطف ورفض نزع الإنسانية. وأكد ضرورة رفض الاختيار بين إما التعاطف مع الفلسطينيين أو الإسرائيليين، مع سكان غزة أو الرهائن وأسرهم.

وبدلا من ذلك قال لازاريني إنه يتيعن الإقرار، بالكلمات والأفعال، بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يتشاطرون في تجربة طويلة وعميقة من الحزن والفقدان، وأن كليهما يستحق على قدم المساواة مستقبلا يعمه السلام والأمن.

الجزائر

أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري استهل كلمته بالترحم على أرواح 178 من موظفي الأونروا ممن قتلوا في غزة. وقال إن الأونروا، وعلى مدى 75 عاما، أثبتت أهميتها البالغة ودورها المحوري في دعم اللاجئين الفلسطينيين وفي التخفيف من وطأة تهجيرهم.

وأضاف أن الوكالة تتعرض “لهجوم سافر واستهداف مشين من قبل الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني”، وقال إن هذا الاستهداف هو “جزء لا يتجزأ من المخطط الإسرائيلي الرامي لتصفية القضية الفلسطينية، وإفراغ المشروع الوطني الفلسطيني من محتواه، وهدم أركان ومقومات الدولة الفلسطينية”.

وفي ظل هذه الظروف، قال السفير الجزائري إن المجموعة الدولية مطالبة بالرد بموقف جريء وشجاع لحماية وكالة الأونروا وتسهيل استمرارية أنشطتها الحيوية. وأعلن تقديم بلاده “مساهمة مالية استثنائية” للأونروا قدرها 15 مليون دولار.

الولايات المتحدة

من جهته، قال روبرت وود نائب المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن الكونغرس الأميركي أوقف تقديم مساهمات إضافية للوكالة في أعقاب “الادعاءات الخطيرة” بشأن المشاركة المزعومة لعدد من موظفيها في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، وحث “الأونروا ومنظومة الأمم المتحدة الأوسع على اتخاذ كافة الخطوات اللازمة لتعزيز حياد المنظمة وتحسين استدامة الأونروا”.

إلا أنه قال إن بلاده تعترف بـ “الدور الذي لا غنى عنه” للأونروا في غزة، وحث على استمرار وصولها الإنساني إلى القطاع “ورفع القيود المرهقة على عملها”. وأكد أن الوكالة ليست محورية فقط لتجنب “خطر المجاعة الوشيكة الحقيقي للغاية” في غزة، ولكنها تلعب أيضا دورا حاسما في جميع أنحاء المنطقة لدعم اللاجئين الفلسطينيين.

وقال السيد وود إن بلاده تتطلع إلى التوصيات النهائية لمجموعة المراجعة المستقلة بشأن الأونروا، وستواصل العمل مع الوكالة وغيرها “لتنفيذ إصلاحات للأونروا لتبقى عاملة طالما كانت هناك حاجة إليها”.

يُذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة قرر إجراء المراجعة المستقلة لعمل الأونروا بناء على طلب المفوض العام للوكالة قبل ظهور الادعاءات من قبل إسرائيل بشأن مشاركة عدد من موظفي الأونروا في الهجمات. كما تقوم أعلى جهة تحقيق بالأمم المتحدة بإجراء تحقيق في تلك الادعاءات.

فلسطين

قال زياد أبو عمرو الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني إن الأونروا “ليست مجرد مشروع إنساني، إنما هي شاهد تاريخي على التزام المجتمع الدولي، بل واجبه تجاه اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجروا من ديارهم بسبب نكبة عام 1948”.

وأكد أن الأونروا أصبحت جزءا من تاريخ اللاجئين الفلسطينيين، وأصبح دورها محوريا في حاضرهم وفي حياتهم اليومية، وهي بالنسبة للكثيرين شريان الحياة الوحيد الذي يساعدهم على العيش الكريم، خاصة في ظل واقع خطير وقاس تتزايد فيه المخاوف والتوترات، مشددا على أن أي بديل عنها لن يحظى بهذه المكانة ولا بثقة اللاجئين الفلسطينيين.

وأشار إلى أن الحملات الإسرائيلية على الأونروا ليست جديدة، داعيا إلى الضغط على اسرائيل لكي تتوقف فورا عن عرقلة عمليات الأونروا “وانتهاك ولايتها”.

وأضاف “لقد حان الوقت لحل مشكلة اللاجئين الأكبر والأطول في التاريخ”.

إسرائيل

قال السفير الإسرائيلي جلعاد إردان إن الأمم المتحدة “مسؤولة بشكل مباشر عن إدامة” الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، “وأحد الأسلحة التي صنعتها لإطالة أمد هذا الصراع هي الأونروا”.

وقال إنه لا وجود لحق العودة، وإن الوكالة تخلق “بحرا من اللاجئين الفلسطينيين – الملايين منهم – الذين تم تلقينهم الاعتقاد بأن إسرائيل ملكهم”. وشدد على أنه “لمجرد أن الأونروا لديها طبقة رقيقة من الأوروبيين المسؤولين عن جمع التبرعات وحشد الدعم، فإن ذلك لا يغير حقيقة أن الأونروا منظمة فلسطينية ملتزمة تماما بتدمير الدولة اليهودية”.

وأضاف السيد إردان أن الوكالة هي “أكبر مناصر في العالم لحل الدولة الواحدة، دولة فلسطينية من النهر إلى البحر”. وقال إنه ينبغي دمج اللاجئين الفلسطينيين في أماكن إقامتهم وتجنيسهم، بما في ذلك في لبنان وسوريا والأردن، ومضيفا للمجلس: “إنكم تقدمون الأسبرين لجسم ملوث بالخلايا السرطانية” من خلال إبقاء قضيتهم حية.

الأردن

أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني شكر رئيس مجلس الأمن على عقد الاجتماع بناء على طلب الأردن. وقال في كلمته إن إسرائيل تريد كسر الأونروا التي تعد العمود الفقري للجهود الإنسانية في غزة.

ودعا أعضاء المجلس إلى عدم السماح لها بذلك. وقال: “الأونروا تستحق دعمكم، لأنها الوحيدة القادرة على تقديم المساعدة الحقيقية للفلسطينيين الجائعين في غزة، وتوفير الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس”.

ومناطق عمليات الأونروا هي: غزة، الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، الأردن، لبنان وسوريا.

وقال المسؤول الأردني إن حملة التضليل التي تقوم الحكومة الإسرائيلية ضد الأونروا يجب ألا تشكل النظرة العالمية للوكالة. وأضاف أن الهدف من الهجوم على الأونروا هو القضاء على حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى