“صفقة صامتة” لقطر تمنحها ملكية جزئية لفرق رياضية كبرى في واشنطن

عين اليمن الحر

سلط تقرير لمجلة “بوليتيكو” الضوء على تزايد اهتمام دول خليجية، بشراء أندية ومسابقات رياضية في العاصمة الأميركية واشنطن، مبرزا الانتقادات التي تُوجّه لتلك الدول بخصوص حقوق الإنسان والحريات، لا سيما ما يتعلق بالمرأة ومجتمع “الميم عين”.

مثال على ذلك، الصفقة التي عقدها تيد ليونسيس، مالك فريقي الهوكي وكرة السلة بواشنطن، مع صندوق قطر السيادي، والذي ستملك قطر بموجبه 5 بالمائة، من أسهم شركة “مونيومنتال سبورتس آند إنترتينمنت” وهي الشركة المالكة لامتيازات  ثلاثة  فرق رياضية.

التقرير وصف قطر بكونها “دولة خليجية غنيّة، تُقيد حريات المرأة، وحيث تنعدم حقوق المثليين”.

أنظمة “أوتوقراطية”

تأتي هذه الصفقة  بعد تغيير قواعد الدوري الأميركي للمحترفين، حيث تم السماح بالتنازل عن جزء من ملكية النوادي الرياضية، والمسابقات، لصالح الهيئات الخارجية، وهو ما فتح الباب أمام بعض صناديق الثروة السيادية الخليجية، وهي منظمات تتولى الإشراف على الثروة بتلك الدول الغنية “وفي كثير من الحالات، تعمل كأدوات للسياسات الخارجية للحكومات الأوتوقراطية” على حد تعبير التقرير.

وفي أوروبا، حيث تمتلك قطر فريق باريس سان جيرمان، الذي ينشط ضمن الدوري الفرنسي لكرة القدم، تعتبر ملكية النوادي لدول أجنبية ظاهرة مألوفة.

لكن في الولايات المتحدة، حيث عقد الكونغرس هذا الأسبوع جلسات استماع حول دمج جولة LIV Golf التي تديرها السعودية مع PGA الأميركية، يرى بعض المنتقدين أن دول الخليج تحاول تحسين صورتها من خلال التعاقد مع أندية كبيرة وشرائها لبعض المسابقات.

و”بي جي آي” PGA هي الجهة المنظمة لجولات الغولف الاحترافية في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية.

مينكي ووردن، مدير المبادرات العالمية لـمنظمة “هيومن رايتس ووتش” شبّه ظاهرة اهتمام الدول الخليجية بشراء أندية أوروبية وهيئات رياضية في أميركا ” بـ”السباق نحو التسلّح”.

وتابع “كانوا يركزون خلال العقد الماضي على شراء المراكز الفكرية في العاصمة واشنطن.. يبدو لي كمراقب أنهم الآن ينقلون أموالهم إلى الرياضة، التي رأوا فيها وسيلة لتحسين صورتهم  بسهولة وبدون أي عقبات”.

ورفضت شركة “مونيومنتال سبورتس آند إنترتينمنت” إعطاء تفاصيل على الموضوع، مكتفية بالقول للمجلة، إن الاستثمار القطري لا يمثل غسيلا رياضيا بموجب القيود المُضمّنة في العقد.

التقرير نقل عنها القول “لن يكون للصندوق القطري أي دور في توجيه الفريق، ولن يكون هناك شعار قطري على قمصان الفريق، ولن تكون هناك  مقاعد فخمة للقطريين”.

وتابعت الشركة “بعبارة أخرى، لن يعرف عامة الناس وجودهم ما لم يطّلعوا على قائمة المالكين التي تضم 21 شريكا”.

مستقبل بعيد عن النفط

تؤكد الشركة في المقابل بأن الصفقة تتعلق بالمال فقط، بينما ترى قطر أن هذا الاستثمار يساهم في تنمية ثروتها تحسبا لمستقبل قد تنفد فيه إمدادات الغاز.

وتقول “مونيومنتال سبورتس آند إنترتينمنت” إن الأشخاص الموجودين على الجانب القطري من الطاولة هم من المحترفين الماليين، وليسوا من أصحاب النفوذ.

من جانبه، امتنع الصندوق السيادي القطري عن التعليق، فيما لم ترد سفارة قطر في واشنطن على الأسئلة التي أرسلتها “بوليتيكو”.

في السابق، ردت قطر على المنتقدين لاستثماراتها الخارجية بالقول إنها تحترم المعتقدات والعادات المحلية، مذكّرة بأنها لم تمنع رفع رايات قوس قزح التي ترمز لمجتمع الميم عين، عندما يلعب فريق باريس سان جيرمان، الذي تملكه.

ولن يكون فريق الهوكي المعروف “ذا كابيتلز” ولا نادي كرة السلة للعاصمة الأميركية “واشنطن ويزاردز” النوادي الشهيرة الوحيدة في العاصمة الأميركية التي سترتبط بدول من الخيج العربي، حيث سيتغير اسم بطولة التنس السنوية المعروفة Citi Open ليصبح Mubadala Citi DC Open نسبة لشركة مبادلة للاستثمار في أبوظبي بالإمارات العربية.

والإمارات العربية المتحدة، هي منافس قطر في النفوذ من خلال الاستثمارات الرياضية، وفق “بوليتيكو”.

وتشمل محفظة “مبادلة” من الاستثمارات، نحو  284 مليار دولار، تتراوح بين امتلاكها لشركة طيران إيطالية، إلى نظام نقل في البرازيل، وحصص في كبريات المؤسسات الصناعية الأميركية.

وعلى عكس صفقة قطر “الصامتة”، فإن  إعادة تسمية دورة التنس، باسم “مبادلة” توحي بأن الإمارات تعمل على الدعاية لنفسها.

وقال مارك آين، وهو رجل أعمال ورئيس بطولة التنس، إن الصفقة جاءت استجابة لإرادة توسيع البطولة المعروفة  منذ 54 عاما لتشمل بطولة السيدات التي ترعاها “مبادلة” في وادي السيليكون.

هدف اقتصادي؟

لكن لماذا تحتاج شركة عملاقة إلى وضع اسمها أمام مشجعي التنس في واشنطن؟

الإجابة، كما نقلتها “بوليتيكو” هي أن المشترين يفعلون ذلك، لأن لديهم بعض السلع أو الخدمات التي يريدون بيعها للجمهور.

يقول آين مدافعا عن الصفقة إن “مبادلة” ترعى الأحداث الرياضية في جميع أنحاء العالم، من سباق القوارب في سان فرانسيسكو إلى بطولة تنس في ريو “هم يفعلون ذلك باسم تعزيز آفاق إبرام الصفقات، وليس تحسين صورة الحكومة”.

لكن التقرير ينتقد ما يصفه بالترويج لدولة أجنبية، ولا سيما وأن الإمارات، المالكة لـ”مبادلة”، لا تزال تتعامل مع روسيا، التي سلطت عليها دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة عقوبات بسبب حربها على أوكرانيا.

يقول التقرير “الأمر ليس مجرد شركة راعية تقليدية، إنها حكومة أجنبية (..) لقد كان الرئيس الإماراتي محمد بن زايد ضيفا على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في سان بطرسبرغ، الشهر الماضي”.

من جانبه، يُشير مايكل أبراموفيتز، رئيس منظمة “فريدوم هاوس” غير الربحية، إلى أن التشابك بين الأندية والهيئات الرياضية في واشنطن مع الأموال القادمة من دول “أوتوقراطية” يمكن أن يضر بالحريات في الداخل الأميركي.

ويضرب الرجل مثالا بدوري السلة الأميركية NBA، الذي قادته المصالح التجارية في الصين، إلى إسكات مسؤول تنفيذي في نادي “هيوستن روكتس” قام بالتغريد انتصارا لحقوق الإنسان في هونغ كونغ.

أبراموفيتز قال  بالخصوص “النقطة التي أود أن أوضحها هي أن تأثير تشابك الصين مع الرياضات الغربية هو أنه ليس مجرد تهديد لما يحدث في الصين، بل تهديد للقيم التي نعتز بها في ديمقراطياتنا”.

“بوليتيكو” استدلت بهذه العبارة للإشارة إلى أن تمليك بعض أسهم الشركات الرياضية لدول الخليج يمكن أن يعود بالسلب على الأميركيين، خصومصا ما تعلق بحرية إبداء الرأي.

وذكّرت بذلك بالقول إنه عندما أفصحت منظمة “أبراموفيتز” أحدث مؤشر للحرية حول العالم، سجلت قطر 25 نقطة والإمارات 18، مما وضع كلا البلدين في فئة “غير حرة”.

المصدر : الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى