الدراما الأردنية، لماذا لا تُحاكي واقعنا بين الفن و القانون

 

✍️ بسمة العواملة

في ظل ما نشاهد من إسفاف و إستخفاف بعقول واذواق المشاهدين ، بدراما رمضان لهذا العام ، سواء على المستوى المحلي او العربي ككل ، وما يكشفه لنا من إنحدار بالذوق العام الى مستوى غير مسبوق ليس في مجال الفن فحسب ، بل تعداه للمحتوى المرئي و المسموع ، فباتت البرامج و المسلسلات او الأفلام الهادفة هي الإستثناء و الندرة ، بمقابل المحتوى السخيف و السطحي الذي اصبح يشكل المحتوى الاكثر شيوعا ويحظى بإنتشار اوسع .
في ظل هذا الإسفاف تعاودنا الذاكرة الى زمن الفن الراقي الهادف الذي كان بحق يسهم في رقي المجتمعات و في تشكيل الرأى العام و في أحيانا أخرى كان الفن يساهم بشكل كبير في إجراء تعديلات على التشريعات و نصوص القانون ، من خلال إلقاء الضوء على أزمات او مشاكل يعاني منها المجتمع لتسهم هذه الأفلام بعد عرضها في معالجة كثير من الظواهر السلبية في المجتمع من خلال إجراء تعديلات على القوانين او من خلال استحداث قوانين جديدة لمعالجة الخلل الموجود .
ومكتبة الأفلام العربية تزخر بالعديد من هذه الأفلام و التي احداها ( فلم أريد حلاً ) الذي دخل قائمة أفضل مئة فلم في تاريخ السينما المصرية، هذا الفلم الذي كان له الفضل بإعادة النظر في قانون الأحوال الشخصية ، بحيث تم السماح للمرأه برفع دعوى الخلع بحال اصدمت بإجراءات الطلاق الطويلة نتيجة لوجود ثغرات في قانون الأحوال الشخصية .
أما فلم ( جعلوني مجرماً ) فقد كان لهذا الفلم دور بارزاً بإعادة النظر في القانون الجنائي المصري ، بحيث تم إستحداث قانون يقضي بإلغاء الإسبقية الجرمية من سجل مرتكب الجرم لأول مرة ، لمنحه الفرصة للبدء من جديد و ممارسة حياته الطبيعية و الإنخراط مجدداً في المجتمع.
و هناك أمثلة كثيرة للعديد من الأفلام العربية و العالمية التي مع الأسف لا نجد لها على مستوى الدراما الأردنية ما يوازيها او يقتدي بها ، لإنتاج عمل فني رفيع المستوى ، يحاكي واقعنا و يسلط الضوء على مسائل إجتماعية نعاني من تداعياتها .
بل أن ما نشاهده على بعض شاشاتنا الأردنية مع الأسف يُظهر عدم الجدية في الطرح رداءة في الأداء و فقرا في المضمون فهي لا تُحاكي واقعنا المُعاش و لا تُشبهنا ، واما ما يطلق عليه كوميديا زوراً و بهتاناً فهو لا يمت للفكاهة بأي صلة و لا يتعدى كونه محاولات تهريج لا تخلو من إنحدار بذائقة المشاهدين يجب الإسراع في وضع حدٍ لهذا الإسفاف، من خلال سن مادة في القانون تعاقب على إفساد الذوق العام إسوة بدول مجاورة تطبق هذا القانون حماية للذائقة العامة.
و كبادرة اولى نتمنى أن يتم دعوة العاملين في قطاع الإنتاج الفني المرئي و المسموع بإعتباره قطاعا يسهم في الإنتاج المحلي إسوة بباقي القطاعات الإقتصادية ، للمشاركة في الورش الإقتصادية التي تعقد في الديوان الملكي الهاشمي ، للمساهمة في إستدامة تطوير هذا القطاع و وضع الرؤية المستقبلية لتعزيز النمو الإقتصادي و تنمية القطاعات الإقتصادية كافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى