صدمة لا يمكن تصورها”.. المجاعة والعنف يلاحقان السودانيين

 

“عين اليمن الحر

حذر العاملون في منظمات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، الجمعة، من أن متلازمة “العنف المروع وخطر المجاعة” يطاردان الشعب السوداني في ظل المعارك التي تدور وتسببت في آلاف الوفيات.

وأدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش “بشدة” الهجوم الذي أفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع شنته على قرية في ولاية الجزيرة بوسط السودان وخلف “أكثر من 100 قتيل”.

وحذر المتحدث باسم الأمين العام في بيان، الجمعة، من استمرار “المعاناة الهائلة التي يعاني منها السكان في السودان نتيجة لأعمال العنف”.

وأشار إلى أن الوقت حان “لجميع الأطراف لإسكات بنادقهم في جميع أنحاء السودان، والالتزام بالطريق نحو السلام المستدام للشعب السوداني”.

وبحسب “لجنة المقاومة” بولاية الجزيرة، وهي واحدة من مجموعات عدّة في أنحاء السودان اعتادت تنظيم تظاهرات مؤيدة للديمقراطية، فإن هجوم قوات الدعم السريع على قرية ود النورة “راح ضحيته ما يزيد على 104 من الشهداء وفق تواصل أولي مع أهالي القرية”.

وأدت الحرب التي اندلعت في السودان، منتصف أبريل عام 2023، بين الجيش بقيادة، عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي” إلى مقتل الآلاف بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

لكن حصيلة قتلى الحرب لا تزال غير واضحة فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى “150 ألفا” وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو.

رئيس بعثة وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة، محمد رفعت، سلط الضوء في مؤتمر صحفي في جنيف من بورتسودان على “التقارير المروعة عن الهجمات العنيفة والإصابات” في قرية ود النورة بولاية الجزيرة.

ويعتقد أن ما لا يقل عن 35 طفلا على الأقل كانوا بين القتلى، وهو ما أدانته المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونسيف”، كاثرين راسل.

وقالت في بيان إن “هذا تذكير قاتم لكيفية دفع أطفال السودان ثمن العنف الوحشي”، وأشارت إلى أنه خلال العام الماضي “قتل وجرح آلاف الأطفال، وتم تجنيد بعضهم واختطافهم واغتصابهم، وتعرضوا لعدة أشكال من العنف الجنسي”، ناهيك عن “إجبار أكثر من خمسة ملايين طفل على ترك منازلهم”.

من جانبه أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان عن “الصدمة العميقة” حيال التقارير التي تفيد بوقوع عمليات قتل وحشية للمدنيين في قرية ود النورة بولاية الجزيرة في السودان.

وقال فولكر تورك في بيان، الجمعة، إن “المعلومات التي جمعها مكتبه تشير إلى أن قوات الدعم السريع استخدمت خلال الهجوم أسلحة ذات آثار واسعة النطاق، بما في ذلك قذائف المدفعية”.

وأضاف أن “اشتباكات اندلعت بين قوات الدعم السريع وأفراد حشدتهم القوات المسلحة السودانية”.

وذكر تورك أن عمليات القتل هذه “تضاف إلى مخاوف كبيرة بشأن التزام الجهات المنخرطة في القتال بمبادئ التمييز والتناسب والحيطة بموجب القانون الدولي الإنساني. كما أنها تثير تساؤلات حول التسليح المستمر لجماعات محلية في سياق الأعمال العدائية المستمرة”.

ودعا قوات الدعم السريع وجميع الأطراف المعنية إلى “إجراء تحقيق مستقل سريع بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي”، مشددا على ضرورة “محاسبة المسؤولين عن عمليات القتل غير المشروع”.

وبحسب بيان الأمم المتحدة لا يزال نحو 800 ألف مدني في مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور في خطر وسط تصاعد القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

وقال رفعت في المؤتمر الصحفي إنه “يتعذر وصول الأمم المتحدة إلى الفاشر سواء عبر الحدود أو نقاط التماس”.

ودعا جميع الأطراف إلى تسهيل وصول المساعدات دون عوائق إلى المنطقة من خلال جميع الطرق المتاحة، مؤكدا أن أسعار المياه والوقود هناك “ارتفعت بشكل كبير”، مما جعل الاحتياجات الضرورية باهظة الثمن.

واضطر نحو 12 مليون شخص في المجمل إلى الفرار من منازلهم مع عبور أكثر من مليوني شخص إلى دول مجاورة من بينها مصر وتشاد.

رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، رفعت، قال إن عدد النازحين داخليا منذ بدء الصراع في أبريل 2023 وصل إلى ما يقرب من 10 ملايين شخص، مشيرا إلى أن انعدام الأمن الغذائي بات عاملا متزايدا في قرار الناس بالفرار.

ويعاني نحو 18 مليون شخص في البلاد من الجوع الشديد بينما يعاني 3.6 مليون طفل من سوء التغذية الحاد.

ويضيف رفعت أن “أكثر من مليوني شخص فروا عبر حدود السودان إلى البلدان المجاورة، وخاصة تشاد وجنوب السودان ومصر”، مشيرا إلى أنهم “غالبا ما يصلون في ظروف بالغة الضعف ومصابين بصدمات نفسية بالغة”.

وحذر من زيادة قدرها ثلاثة أضعاف سجلتها المنظمة الدولية للهجرة العام الماضي “في عدد السودانيين الذين يتخذون ممرات هجرة غير نظامية خطيرة إلى ليبيا وتونس ثم إلى أوروبا”.

وينوه البيان إلى أنباء غير مؤكدة تفيد بأن “حوالي 2000 أسرة تقطعت بهم السبل حاليا في ظروف صعبة، بمن فيهم مهاجرون على الحدود بين مصر وليبيا والسودان”.

وذكر رفعت أن أكثر من نصف النازحين داخليا في السودان من النساء، وربعهم من الأطفال دون سن الخامسة.

يقول لاجئون فروا من ويلات الحرب الأهلية في السودان إلى إثيوبيا المجاورة إنهم اضطروا إلى الفرار مرة أخرى والاحتماء بغابة والإقامة على جوانب الطرق بعد هجمات متكررة خلفت ثقوبا أحدثها الرصاص على خيامهم، بحسب وكالة رويترز.

وفر نحو ثمانية آلاف من مخيمي كومر وأولالا للاجئين، بحسب ممثلي المخيمين اللذين أنشأتهما الأمم المتحدة في منطقة أمهرة بشمال أثيوبيا، وذلك بعد اعتداءات متكررة الشهر الماضي معظمها على يد قطاع طرق.

المتحدث الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في غرب ووسط أفريقيا، ألفا سيدي با بدوه، قال للصحفيين في جنيف إن “الوضع صعب” في تشاد، حيث وصل أكثر من 600 ألف لاجئ من السودان منذ بداية الأزمة.

وأضاف “رأيت الناس يأتون يوميا بالعشرات في حالة سيئة للغاية، ومعظمهم من النساء والأطفال الذين عانوا من صدمة لا يمكن تصورها”.

ولفت أن تشاد كانت تستضيف بالفعل أكثر من 400 ألف لاجئ من السودان قبل هذه الأزمة.

وأعرب عن شكره للسلطات لإبقاء الحدود مفتوحة، لكن الاستجابة للاحتياجات الأساسية للاجئين مثل المأوى والغذاء والوصول إلى التعليم للأطفال والدعم النفسي أصبحت صعبة بشكل متزايد بسبب نقص التمويل.

المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، حذر من أن “النظام الصحي في السودان ينهار”، مشيرا إلى أن حوالي 65 في المئة من السكان يفتقرون إلى الوصول إلى الرعاية.

وأضاف “كانت الرعاية الصحية في السودان تعتمد بشكل كبير على الخرطوم، حيث تم تدمير النظام الصحي. لا يتوفر في البلاد سوى نحو 25 في المئة من الإمدادات الطبية اللازمة. وفي المناطق التي يصعب الوصول إليها، لا يزال ما بين 20 و30 في المئة فقط من المرافق الصحية تعمل، وحتى مع ذلك، تعمل بالمستوى الأدنى”.

ويتخوف ليندماير من تسجيل عدد قياسي من حالات الحصبة عام 2023 مع انخفاض معدلات التطعيم بسبب الصراع. وأضاف أنه “لسوء الحظ، نتوقع أن يكون عام 2024 أسوأ”.

وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت كذلك من أن الكوليرا والملاريا وحمى الضنك آخذة في الارتفاع. وأعربت عن قلقها إزاء نقص العلاج للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والفشل الكلوي.

وتساءل تورك في ختام بيانه “كم من مدني سوداني إضافي يجب أن يموت قبل أن توقف أطراف النزاع القتال؟”.

المصدر : الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى