بيان نعي

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان نعي
رحيل رافد العلم… ومعلم الأجيال التربوي سعيد محمد سعيد
فجع الوسط التربوي، بمديرية جبل حبشي خصوصا، ومحافظة تعز برحيل قامة العلم، التربوي القدير الأستاذ سعيد محمد سعيد، مدير مدرسة الجيل الصاعد السابق، والذي وافته المنية عصر أمس الإثنين بمستشفى بدران في القاهرة، إثر مرض تسلل الى قلبه الكبير، ووري جثمانه الطاهر بعد ظهر يومنا الثلاثاء الثالث عشر من شهر رمضان، الموافق 29 مايو 2018م، بمقبرة الجمعية الشرعية لعموم موتى المسلمين، بحي 6 اكتوبر، بعد الصلاة عليه في جامع الحصري بأرض الكنانة مصر.
ونحن اذ ننعي هذا الرحيل الفاجعة، الى كافة محبي الفقيد وابنائه، والوسط التربوي، والمجتمع في المديرية، نؤكد اننا خسرنا، والوطن شخصية فذة ورائدا من رواد العملية التعليمية، ومشعل حقيقي من المشاعل المحبة للعلم والمعرفة، والمناهضة للجهل والتخلف.
ولد الفقيد في قرية “الحِطّة” في مطلع شهر يناير من العام 1948م، لأسرة بسيطة، وبدأ يعيش ارهاصات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، وهو فتىً ذي الأربعة عشر ربيعا، وتأثر بذلك الزخم بما حمله من تغيير جذري وثورة شاملة في كافة مناحي الحياة، وفي مقدمتها العلم، وكان اهتمامه بالتعليم هو الشق الأساسي الذي رسم حياة هذا المربي الفاضل، وكوّن شخصيته، فكان من أشد المدافعين والساعين أولا، الى ضرورة تشييد مبنى تعليمي، يحفظ عدم تسرب العشرات بل والمئات من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة، الى أعمال أخرى غير التعليم الى مهن أخرى، فحفز ذلك كثيرين لضرورة وضع اللبنة الأساسية للتعليم.. وتأسيس نواة العلم، فكانت مدرسة “الجيل الصاعد”.
تبوء فقيدنا الكبير، إدارة المدرسة، برغبة جامحة وتفان بالتغيير الى الأفضل، في فترة سبعينيات القرن الماضي، وساعده هذا المنصب على احداث نقلة كبيرة، مع آخرين في القرية، في تطوير المدرسة، والتي غدت صرحا تعليميا، تخرج منها العشرات من حملة الشهادات العليا، ونالت في عهده الكثير من جوائز الشكر والتقدير من الإدارات التعليمية المختلفة في محافظة تعز، ووزارة التربية في العاصمة صنعاء.
تتعدد مناقب الفقيد الكبير، فكان الصوت الأعلى في الصدح بكلمة الحق، دون مواربة أو تردد، وربما هذه الميزة والسجية هي من أسباب نجاح هذا المربي الفاضل، إضافة الى ما تتمتع به شخصيته من ملكات إدارية وقيادية، كما نذر القسم الأكبر من حياته الذي امتد الى قرابة الثمانين عقدا، في خدمة العلم ومتابعة أوضاع العملية التعليمية في المدرسة، والمحافظة على مباني المدرسة، حتى في الفترة التي احيل فيها الى التقاعد، وفضْل هذا الرجل كبير على المجتمع، لا يسعنا الا ان نتمثل حبه للعلم والعمل والمواجهة في قول الحق، والتفاني والإصرار في تعليم أبنائنا، والمحافظة على المدرسة الأولى في المنطقة.
كان الفقيد محبا للجميع، ومحبوبا من الجميع، واسعا في علاقته الاجتماعية، تجده قوي الإرادة وحازم الأمر، لكنه يحمل بداخله كتلة فائضة من مشاعر الحب والاحترام للذات وللآخر.. ويدل واداعه الكبير أثناء تشييع جثمانه الى مثواه الأخير بالقاهرة، من تلاميذه، ومن الطلاب اليمنيين في القاهرة (على رأسهم نجله الأكبر محفوظ، ورفيقة حياته)، على شيء من ذاك الود والاحترام والتقدير الذي يتركه مع وعند الاخرين.
رحم الله فقيدنا الكبير الأستاذ سعيد محمد سعيد، واسكنه فسيح الجنان مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وألهمنا وأهله ومحبيه الصبر والسلوان… وعزاؤنا انه ترك ذرية صالحة، ذكورا (محفوظ وحفيظ)، واناثا، تقتفي سيرته العاطرة الطيّبة النشر. والعزاء هو السلو وحسن الصبر على المصائب. وخير من المصيبة؛ العوض منها والرضى بقضاء الله والتسليم لأمره، تنجُزاً لما وعد من حسن الثواب، وجعل للصابرين من الصلاة عليهم والرحمة. فإنه يقول تبارك وتعالى: وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون. وقال: وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم. وقال تبارك اسمه: ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه.
إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وعوضاً من كل مرزئة، ودركاً من كل فائت، وخلفاً من كل هالك. فبالله فثقوا، وإياه فارجوا. انا لله وانا اليه راجعون… وانا لفراقك يا سعيد لمحزونون.

الأسيفون: ابناؤك خريجو مدرسة الجيل الصاعد.

صنعاء
13رمضان 1439هـ، الموافق 29 مايو 2018م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى