مستشفيات الموت الخاصة؟!
……………………………………شذى الصوفي
في المستشفيات الخاصة وحدها حيث الجانب الإنساني لا مكان له في حسابات القائمين عليها وحيث المال أهم الف مرة من حياة الإنسان تجد من المعاملات الإنسانية ما لا يمكن وصفه .. فعلى المريض رجل أو امرأة او طفل مهما كانت حالته حرجة وعلى قدر كبير من الخطورة أن ينتظر ويتحمل الآلام حتى تستكمل الإجراءات المطولة قبل أن يتم أساعفه ولا يهم أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بينما أهله يركضون في أروقة المستشفى لاستكمال الإجراءات وتسديد المبلغ المطلوب إلى الصندوق فسند الصندوق هو صك الغفران الذي بدونه لن يلتفت لك أحد رغم أدراكهم أن دقيقة وأحدة قد تكون الفاصل بين الحياة والموت ومع ذلك وبكل استهتار تراهم يتلذذون بعذابات الأخرين ويستمتعون بمعاناتهم .
ولهذا فعلى كل من لديه مريض أن يفكر الف مرة قبل أن يقرر الذهاب إلى أحد هذه المستشفيات التجارية .. وأن كان ذهابه شر لا بد منه فعليه أن يبحث عن واسطة أو معروف لأن الدخول إلى المستشفيات الخاصة مغامرة ومخاطرة كبيرة قد يكون ثمنها حياة من اردت علاجه لا قدر الله . حقيقة يصعب أنكارها أو القفز عليها وواقع مؤلم نتجرع مرارته كل يوم … فلم تعد هذه المستشفيات التي أقيمت لغرض التجارة تؤتمن على حياة المرضى (فالداخل اليها مفقود والخارج منها مولود) لأن الهدف الأسمى هو استثمار معاناة المرضى والإتجار بأوجاعهم دون ادنى شعور بالمسؤولية الأخلاقية والدينية التي يفترض أن يتمتع بها الطبيب الإنسان باعتبار أن مهنة الطب إنسانية في المقام الأول وليست تجارية وواجب الطبيب إنفاذ حياة المريض ومداواة أوجاعه قبل النظر إلى جيبه وما يحمله من أموال . *حكايات مؤلمة تدور أحداثها داخل أروقة مستشفيات الموت الخاصة عنوانها التسيب والإهمال واللامبالاة والاستهتار بحياة الإنسان .
* مرضى يقضون أسابيع وأشهر في رحلة العذاب اليومي داخل المستشفى وهم لا يعرفون ما هو مرضهم وأخرون يدخلون لأجراء فحوصات روتينية فيجدون أنفسهم ينامون في غرفة العناية المركزة وكم من صحيح مات من غير علة على يد أطباء لا يفقهون من الطب إلا أسمه ..ولا نتجاوز الحقيقة إذا ما قولنا إن مهمة الأطباء في هذه المستشفيات ليس التشخيص السليم ومعرفة المرض الذي ينهش جسد المريض وتحديد الدواء المناسب وإنما تفصيل مرض مناسب يتم اختياره للمريض .
* نعم فالمريض في نظر هؤلاء غنيمة يجب استثمارها ورزق لا يمكن التفريط فيه . والنتيجة كارثية على المريض وزيادة في معاناته جسديا ونفسيا وماديا أيضا وربما تسببت له بداء مزمن يلازمه ما تبقى من أيام حياته أن قدر له وخرج على قيد الحياة.
* مباني ضخمة وديكورات أنيقة حملات دعائية وترويجية لاستقطاب الزبائن من المرضى ..لكن الحقيقة التي تبقى دائما وأبدا أن هذه المظاهر خادعة وأن هذه المستشفيات (من خارجها الرحمة ومن داخلها العذاب ) .
* وما حكاية الطفل المولود فراس الفرحة الأولى لأمه وأبيه والذي قدر له أن يبدأ أول لحظات حياته في أحد هذه المستشفيات في أمانة العاصمة إلا وأحدة من مئات الجرائم التي ترتكب كل يوم وتندرج تحت لائحة الأخطاء الطبية والإهمال والتسيب واللامبالاة الناتجة عن غياب الضمير وقيم وأخلاقية مهنة الطب وغياب الرقابة من الجهات الرسمية.
* فمن هو فراس وما هي حكايته ؟؟
* فراس واحد من مئات الأطفال الذين قدر لهم أن يولدوا داخل المستشفيات بعد تعسر ولادتهم الطبيعية أو هكذا يقال … وبدافع الخوف والقلق يضطر الأهل لنقل الأم إلى المستشفى حافظا على حياتها وحياة جنينها على افتراض أن تلقى الأم الرعاية الطبية والاهتمام اللازم على يد من يسمون مجازا ملائكة الرحمة من أطباء وممرضين.. أسعفت الأم وهي تعاني ألم المخاض ليتم فحصها ويطلب منها العودة إلى البيت وتتكرر القصة نفسها ثلاث ايام ..بعدها يقرر الأطباء إجراء عملية قيصرية عاجلة لخطورة الوضع.. يوافق الزوج والأهل دون تردد. وأمام معاناة ووجع الأم يحاول الزوج والأب والمتواجدين معها إقناع الأطباء بسرعة إجراء العملية بينما يقومون هم باستكمال الإجراءات مؤكدين أنهم سيدفعون المبلغ المطلوب فقط اختصارا للوقت وإشفاقا على الأم المتوجعة.. وبكل برود يرفض طلبهم وتترك الأم تتلوى وتصرخ لأكثر من ساعة في انتظار استكمال الإجراءات .. ليخرج فراس مجهدا مما عانته أمه وينقل إلى غرفة العناية المركزة كونه يعاني من صعوبة في التنفس كما قيل في اليوم الأول ..بعد يومين تختلف الرواية ويقال أن فراس مصاب بتشنجات رغم أنه لم يكن كذلك قبل إعطاءه الدواء ..بعدها تأتي رواية اخرى وأن الطفل مصاب بالحمى ..وأخيرا يطلب من الأب استدعاء طبيب استشاري لتشخيص حالة طفله ..تم إعطاءه أسم الطبيب ورقم تلفونه وفعلا تم استدعائه على حساب الأب. يصل الاستشاري وتمر الساعات والخبير مشغول بمهام أخرى من عمليات وغيرها يغادر الساعة الرابعة فجرا دون أن يكلف نفسه حتى مجرد النظر لفراس الذي تم استدعاءه من أجله . يصاب الجميع بالإحباط أو هكذا خطط لهم حتى لا يكتشفوا حقيقة ما أصاب طفلهم ..وفعلا طفح كيل الأب ليقرر نقل أبنه إلى مستشفى حكومي هذه بعد أن أنفق مبالغ مالية طائلة ..لتكون المفاجئة أن ما يعانيه فراس سببه الدواء الذي كان يعطى له في ذلك المستشفى والتشخيص الخاطئ لحالته ..وما يعانيه فراس حتى اليوم نتيجة الإهمال والتسيب والاستهتار واللامبالاة المتعمدة من قبل أطباء امتهنوا التجارة باسم الطب .
* فما ذنب هذا الطفل ليكون ضحية لهؤلاء الذين تجردوا من كل ذرة إنسانية ؟؟ ومن سيحاسبهم على جرائمهم المتكررة ؟؟
والى متى ستبقى حياة الإنسان اليمني عرضة لعبث من يتاجرون بآلامه ويستثمرون معاناته ؟؟
وأين هي وزارة الصحة والجهات الرقابية من الجرائم التي ترتكب كل يوم داخل مستشفيات الموت الخاصة؟؟
أخيرا لا أملك الإ أن أرفع كفي إلى السماء مبتهلة إلى الله جلت قدرته أن يمن على فراس بالشفاء ويعيده إلى حضن أمه الذي تنتظره بفارغ الصبر .