يدفعون أرواحهم ثمناً لإظهار الحقيقة

 

✍️ بسمة العواملة

منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع ، كنت قد تناولت في إحدى المقالات ، موضوع الحماية الدولية للصحفيين أثناء النزاعات المسلحة ، حينها لم يدور في خلدي و لو لبرهة أن تكون أيقونة الصحافة العربية شيرين أبو عاقلة إحدى هؤلاء الصحفيين الذين سيدفعون أرواحهم ثمناً لإظهار الحقيقة .

يالا سخرية القدر ، ففي خضم استمرار إحتفالات العالم في الثالث من ايار باليوم العالمي لحرية الصحافة ، هذا اليوم الذي تتم فيه مناقشة التحديات التي تواجه حرية الصحافة وسلامة الصحفيين ، لأجل العمل على تحديد و إيجاد الحلول ، و قد حذر الأمين العام للأمم المتحدة من التهديدات التي توتجه الصحفيين و العاملين في مجال الإعلام .
بحيث تم وضع خطة عمل من قبل الأمم المتحدة تتعلق بتأمين حماية للصحفيين و بذات الوقت ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب ممن يرتكبون الجرائم بحق الصحفيين و العاملين في الإعلام ، و خاصة في ظل تزايد هذا النوع من الجرائم و إنخفاض نسبة التوصل الى تحديد او معرفة هوية الفاعل .
بالإضافة الى التعاون مع الحكومات لإيجاد سياسات و قوانين داعمة لحقوق الصحفيين و خاصة الحق في الحياة و سلامة الجسد ، و العمل على زيادة الوعي بالمخاطر التي تواجه الصحفيين أثناء عملهم من خلال إطلاق الحملات عبر وسائل التواصل الإجتماعي للتوعية بهذه المخاط و التهديدات و بمسألة الإفلات من العقاب .
فالمسؤولية تقع على عاتق الدول بإدانة هذه الجرائم و معاقبة مرتكبيها ، كذلك هناك مسؤولية على عاتق القضاة و المدعين العاميين في تعزيز تنفيذ الإجراءات الجنائية بالسرعة القصوى و بكل فعالية لضمان عدم ضياع الأدلة و بالتالي تقديم الجناة للعدالة .
تأتي هذه الإحتفالات بالتزامن مع إرتكاب جريمة إغتيال صحفية امضت نصف عمرها و اكثر ، وهي تنقل لنا بالصوت و الصورة حقيقة ما يجري من إنتهاكات و تنكيل بحق أبناء شعبنا على أرض فلسطين المحتلة .
وهنا يثور التساؤل عن مدى نجاعة الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان ، في التصدي لهذه الجرائم ، و فيما إذا كانت تعمل هذه الآليات بشكل كافٍ لحماية الصحفيين و ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب ،
مع الأسف الإيجابة هي بالنفي ، فهذه الآليات الدولية لا تقوم بالدور المطلوب منها بحيادية، ولا تطبق القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني بشكل منصف ، فازدواجية المعايير تظهر للقاصي قبل الداني ، وإلا ما هو التفسير المنطقي لعدم التوصل الى تحديد هوية الجناة لما يزيد عن 87 في المائة من مجموع عمليات قتل الصحفيين منذ عام 2006 حتى يومنا هذا ، و عدم تقديم هؤلاء الجناة للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية بإعتبارهم مجرمي حرب .
ففي جريمة إغتيال الصحفية شيرين ابو عاقلة لا بد من إجراء تحقيق دولي فوري و سريع من قبل مجلس حقوق الإنسان بشكل مستقل و حيادي للتوصل الى تحديد هوية الجناة و تقديمهم للعدالة.
و هذا لن يتم دون ممارسة الضغوط من قبل جميع الجهات المعنية بحقوق الإنسان و من خلال حث جميع الهيئات و المؤسسات الدولية للقيام بدورها المناط بها ، كذلك العمل على تفعيل القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 1738 لسنة 2006 الخاص بحماية الصحفيين و إدانة الإعتداءات ضد الصحفيين في حالات الصراع و النزعات بموجب القانون الدولي و الدولي الإنساني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى