هل يوجد نظام عالمي جديد أو قديم؟..

كتب / شوقي شاهر …

قبل الإجابة بنعم او لا علينا اولاً أن نعود بالذاكرة إلى مراحل الصراع والسلم التي مرت بها البشرية منذ بدء الخليقة على وجه التحديد، منذ سيدنا آدم والصراع الذي اقحمه فيه إبليس خشية أن يسلبه الإمتياز الرباني الذي كان يحظى به حينذاك ،ثم تولدت حلقة أخرى من الصراع بين الشقيقين هابيل وقابيل وكان حب الاستحواذ على المرأة هو عنوان الصراع بينهما.

وتوالى على إثر نزول الديانات السماوية وظهرت الحضارات الإنسانية وتوزعت مناطق نفوذها بحسب قدراتها وامكانياتها المادية والبشرية ودوافعها الحضارية والثقافية وكان من حظها جميعا أن تجري عليها النواميس الكونية فقامت هذه على أنقاض تلك ثم سادت هذه ثم قامت على انقاضها حضارة أخرى.

هذا مايحكيه لنا التاريخ..حيث تموج حركة التاريخ ولا تكاد تستقر على حال او نظام معين لقرن او لعدة قرون ثم تكون في خبر كان أي أنه لم يكتب لأيٍ منها الخلود والبقاء وذلك مهما تراكمت وتوافرت لديها عوامل البقاء والقوة إلا انها تسقط في نهاية المطاف وتتهاوى أمام نشوء وظهور عوامل جديدة للبقاء وتساعد على الوقوف على رأس مرحلة تاريخية قادمة وتتسيّدها قوى أو حضارة إنسانية جديدة ، وهذه لعمري سنة كونية قد يكون رافقها إسالة الكثير من الدماء مثلا ولكنها أثرت التاريخ ووزعت ألادوار الحضارية والثقافية على البشر حميعا أينما حلوا واينما كانوا على وجه البسيطة. وتشكل من خلالها جميعا- بحسب وجهة نظري- حضاره إنسانيه واحده تختلف في التفاصيل ولكنها في نهاية المطاف تسلم موروثها لمن تليها.

وهكذا كانت تتحدث البشريه وتتطور وتتجدد.وهو مايشير إلا ان عدو البشرية الأول هو الجمود والبقاء على حال واحد. وان نواميس الكون ورغبة الانسان في التمدد والتجدد يمثلان ابرز عاملين يقفان امام أي ثابت حضاري يتوقف في تطوره عند حد معين، او نفوذ إنساني يحد من حراكهما او يعمل على تقييدهما والحؤول دون تطبيق قوانينهما الفارضة على التاريخ والجغرافيا والإنسان. أي أن إرادة الله في الارض قد قضت بأن ديمومة الحياة واستمراريتها بعتمدان على التنافس والتميز والإختلاف والتكامل بين البشر والتدافع الذي نص عليه صراحة القرآن الكريم. ولكن هل اختلف الأمر اليوم؟ وهل فهم الجميع الدرس؟

وهل وقفت القوى الجديدة ألراغبة بالهيمنة والسيطرة على العالم أمام تلك المحطات التاريخية للأمم السابقة مع الأخذ بعين الإعتبار الفارق الرهيب في الوسائل والإمكانيات؟ أستطيع ألقول بأن الامر لم يختلف كثيراً، وان التوجهات والرغبة بالتفرد والسيطرة ما زالت هي إنما يبرز إلإختلاف في الادوات والوسائل فقط.. وعودة على بدء فإن آفة البشرية هي السكون والرضوخ والجمود كما أن تنميط العلاقات بين الشعوب والدول والحضارات على اساس غالب ومغلوب ،والإحتكام إلى قاعدة القوي والضعيف هل معادلة ناقصة ولايمكن لها ان تسود ما لم تأخذ بعين الإعتبار الفوارق بين الافراد والجماعات عموماً، أضف إلى ذلك ان العدالة الإلهية قد وزعت عوامل القوة المادية والمعنوية بين الامم ولم تستفرد أمة بعينها على هذه العوامل لوحدها لأنه متى ما تم لها ذلك فإنها ستطغى وستتجبر وستبيد وستدمر غيرها من الشعوب والأمم وما فترة الإستعمار وحركة الغزو التي شهدها العالم منذ القرن الخامس عشر حتى القرن العشرين وما صاحبها من إبادات جماعية للشعوب المستضعفة الا خير دليل على ذلك. إذاً البشرية بحاجة الى نظام عالمي جديد؟

وما هي معاييره؟ إن أي نظام مهما كان نطاقه ومستواه لابد عليه أن يأخذ جملة من الاعتبارات التي يجب ان تشمل بالخصائص والمزايا التي يتمتع بها جميع المستفيدين من هذا النظام، والإضافات التي يستطيع من خلالها تمتين عرى هذا النظام وتدعيم اسسه النظرية والعملية وان تكون حرية الإنضمام إليه طواعية لا إجبارية.

وبالتالي فإن الحديث عن ما يمكن تسميته بنظام عالمي جديد لايمكن ان يتم مالم يحفظ مصالح الجميع ويحترم التنوع المادي والمعنوي للدول والشعوب ويتيح امامها فرص التقدم والتطور الإنساني في إطار عملي مشترك والاسهام في تعزيز التنافس بما يخدم مصالح البشرية جمعاء.

ومالم يتحلى أي نظام عالمي جديد بمثل هكذا خصائص، ومتى ماتم فرض نمط جديد لايراعي مثل هكذا مبادئ، ومتى ماكانت القوة هي القاعدة الوحيدة لفرض أي نظام جديد، فإنه حينها سيتحول الحديث مباشرة إلى نظام إستعماري جديد.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى