هرطقات في الأفق

 #شوقي شاهر..عين اليمن الحر ..

ما هي العلمانيه؟ ولماذا يتم تداولها حالياً على هذا النحو من الحدة والتسرع والتطرف ايضا من قبل قلة قليلة يبدو جليا بأنها قد اختزلت هذه التجربة الإنسانية بمايسئ اليها و ذلك من خلال الدعوة إلى الإلحاد فقط ومهاجمة التعاليم والشعائر الدينية ؟ بالنسبة لي فأن ماأتذكره عن العلمانية هو انها تعني فصل الدين عن الدولة، فأنا- وعلى الرغم من إحترامي لكل مايعتنقه الآخر- إلا أنني لم أدع نفسي الى التبحر في مثل هكذا موضوع لا لشئ إلا لأنني على قناعة تامة بأن لدينا منهج متكامل و منافس ويحمل من التعاليم والمبادئ مايغني الإنسانية عن الالتفات إلى مادونه من نظريات وتجارب وذلك في حال تم الأخذ بكافة مضامينه على نحو متكامل وغير إنتقائى ويتجسد ذلك في ديننا الإسلامي الحنيف الحريص كل الحرص على عدم الإكراه في أعتقاده أو إعتناقه مفسحاً المجال أمام الحريات الدينيه إنطلاقا والتعايش مع الآخر وذلك انطلاقا من قاعدة قاعدة لكم دينكم ولي دين.

الشئ الذي ليس واضحا لدي هو لماذا كل تلك الهجمة حول الديانات في مثل هكذا توقيت من خلال أفراد لديهم تلك المبررات والقناعات والتي إستدعت منهم كل هذا الحماس لمثل هكذا دعوات لاأظن بأن دوافعها تتسق مع مبررات ظهور العلمانية في المجتمعات التي نشأت فيها في بداية الامر وهو الأمر الذي بخاف على أحد. ولذلك فإن السؤال الذي يتبادر إلى ذهني الان هو هل تتوافق تلك الدوافع والمبررات التي يسوقها البعض اليوم ويسوقون من خلالها لما أسموه بالعلمانية هل هي نفس تلك الدوافع التي صاحبت ظهور العلمانية في المجتمعات الغربية ؟ وهل كانت الدعوة إلى الإلحاد هي غاية ظهورها وسنّام وجودها حينذاك ؟

انا عندما أستمع لمبررات هؤلاء أجدها غير مقنعة تماما، بل أجدها وكانها موجهة فقط للنيل من ثوابتنا الدينية ومجاراة لتوجهات تستهدف الديانات السماويه عموما والدين الاسلامي على وجه الخصوص. إنني على قناعة بأن مثل هكذا محاولات لاخوف ولاقلق منها على الإطلاق،كونها مازالت محصورةٌ في مجتمعاتنا وذلك على الرغم من ان هذا يشكل خطوة على طريق محاولات تسعى إلى ترسيخ مثل هكذا مفاهيم ومبادئ في اوساط مجتمع محافظ ومتدين إلى حد كبير وذلك على الرغم من وجود تجاوزات وإختلالات لكنها لاتصل الى درجة المساس بالحدود أو بالذات الإلهية مثلاً. أتذكر بأنني قد قرأت قبل سنوات عدة مقالا مترجما لكاتب لم اعد اتذكر إسمه خلاصته بأنه لايمكن القضاء على الاسلام بسهولة الا من خلال وجود اجيال من بين ابنائه تكفر به، ولأجل ذلك فقد دعا كاتب المقال إلى ضرورة إنتهاج إستراتيجية تتضمن خطوات للقضاء على هذا الدين وذلك من خلال تشويه المعتقدات السليمه والصحيحه و إثارة الصراعات والنعرات بين المذاهب والطوائف الاسلاميه تمتد لعقود قادمة وذلك حتى تظهر أجيال جديدة تعيش واقع هذا الصراع فتكفر بالدين وبما تدعو إليه تلك المذاهب والطوائف وتؤمن بالعلمانية والكفر بالديانات ليعيش العالم بسلام وذلك بحسب زعم الكاتب.

غير ان الواقع الذي تعيشه بعض بلداننا الإسلامية و الصراعات بين نشاهدها اليوم بين ابناء البلد الواحد لتؤكد جميعها على ماتضمنه ذلك المقال فهي في اساسها صراعات مذهبية وطائفية ويدعي اصحابها بأحقيتهم في تمثيل الدين وبأنه على صواب فيما يعتبر البقية فرق خارجة ومارقة عن الدين، فيما الحقيقه انهم جميعا يهيمون بعيدا عن حقيقة وجوهر الدين الحنيف حتى ظهرت امامنا اصوات تناهض العقيدة السمحاء بثوابتها ومبادئها المتفق عليها، وتتهكم الى جانب ذلك على الذات الالهية بحجة الدعوة إلى العلمانية وهم بذلك قاصدين الالحاد، والترويج عبر ذلك لكل مايخالف الفطره التي فطر الله الناس عليها. إن من اهم عوامل التقدم تكون قائمة على العقلانية التي لاتتجاوز النص القرآني و يضاف الى ذلك العلمانية- بكسر العين- والتي إتخذت من العلم سبيلا ونهجاً ومنطلقا لتحقيق مثل هذا التقدم والتفوق لدى الامم ، ومثل ذلك ماقامت به المجتمعات الغربية حين تخلصت من القيود التي فرضتها عليها الكنيسة والتي كانت تحارب العلم وهاجمت كل إشراقة فكرية أوعلمية كانت ستدفع بالمجتمعات الاوربية نحو غد أفضل معتبرة بان ذلك سوف يفقدها نفوذها و سيطرتها على تلك المجتمعات التي كانت ترزح تحت وطأتها وهمجيتها تحت لقرون عدة.

ان هذا الأمر يدعونا اليوم للمطالبة بالعِلمانية- بكسر العين – والتي تدعو الى اتخاذ العلم سبيلاً ومنهجاً للحاق بركب الحضارة وهو مايدعو إليه ديننا الإسلامي الحنيف كونه السلطان الذي ننفذ من خلاله إلى اقطار السموات والأرض، أما تلك الأصوات التي باتت تتهافت على ماتسميه بالعلمانية-بفتح العين – فما أظنها الى هرطقات تلتزم بالقشور مبتعدة عن الجوهر المفيد للانسانية جمعاء. أن تلك الاصوات تعي ماتقول وهي لاتجهل ايضا حجم الإختلاف في الدوافع والمبررات بين الدعوتين زماناً ومكانا.

وكون ديننا الاسلامي هو دين الفطرة فإننا لانزكي أحداً على أحد ولكننا نقول لهم إبحثوا عن باب رزق أجمل وأفضل من هذا الباب الذي تطرقوه عن علمٍ أو جهلٍ والله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى