مفوض حقوق الإنسان في خطاب شامل في ضل اندلاع الحروب قلق بشأن الوضع في دول عدة ودعوة لتعزيز الحقوق

 

نيويورك – رشادالخضو  – الأمم المتحدة

قال مفوض حقوق الإنسان إن ازدراء حياة البشر وصل إلى مستويات مؤلمة في ظل اندلاع الحروب ووقوع العنف بصورة يومية في عدة مناطق. وفي خطاب موسع أمام مجلس حقوق الإنسان تحدث عن الأوضاع في مختلف دول العالم ومنها عدد من البلدان العربية.
وأشار مفوض الأمم المتحدة السامي فولكر تورك إلى أن 25% من البشر يعيشون في أماكن متأثرة بالصراعات التي يعد المدنيون أكبر المتضررين منها. وقال إن السلام ثمين ولكنه هش. وشدد على ضرورة رعايته ودعمه، أولا وقبل كل شيء عبر احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان.

جاء ذلك في تحديث شامل عن أوضاع حقوق الإنسان على مستوى العالم، هو الأول للمفوض السامي تورك منذ توليه منصبه أواخر العام الماضي.

أوكرانيا

وقال تورك إن الحرب في أوكرانيا أدت إلى وقوع ضحايا من المدنيين ودمار على نطاق صادم. وذكر أن حقوق الأوكرانيين ستتضرر على مدى أجيال مقبلة.

وقال “أثر الحرب على أسعار الوقود والغذاء بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية، يخلف عواقب سلبية على جميع الناس في كل منطقة بالعالم. إحداث مثل هذا الضرر مرة أخرى بأنحاء العالم بسبب حرب في أوروبا، هو خيانة للوعود التي يتضمنها تأسيسنا قبل 75 عاما”.

سوريا

وانتقل تورك إلى الحديث عن سوريا وقال إنها، بعد 12 سنة طويلة من سفك الدماء، أصبحت صورة مصغرة للجراح الناجمة عن ازدراء حقوق الإنسان. وقال “أضافت زلازل الشهر الماضي، إلى هذه المأساة. السبيل الوحيد للتحرك قدما يجب أن يكون عبر احترام حقوق الإنسان ومساءلة جميع مرتكبي الجرائم الفظيعة، وهما مسألتان تفتقر سوريا إليهما”. وأعرب عن دعمه الكامل لدعوات إنشاء مؤسسة جديدة تركز على إيضاح مصير ومكان المفقودين وتقديم الدعم للضحايا. وحث الحكومة، وأعضاء الأمم المتحدة، على التعاون مع هذه المؤسسة إذا تم إنشاؤها.

اليمن

وشدد المفوض السامي على ضرورة أن تنصت الأطراف في اليمن إلى دعوات الشعب الذي أنهكته 8 سنوات من الحرب الوحشية، والتحرك بشكل حاسم نحو عملية سلام تقودها الأمم المتحدة.

وقال إن استدامة أي اتفاق للسلام يتطلب كفالة العدالة الانتقالية والمساءلة. وشدد على ضرورة أن تكون المرأة قادرة على المشاركة الكاملة في مثل هذه المحادثات. وأشار تورك إلى احتجاز موظفين أممين اثنين، أحدهما يعمل مع منظمة اليونسكو والآخر مع مكتب حقوق الإنسان، منذ 16 شهرا. وطالب بإطلاق سراحهما على الفور.

ليبيا

وفي ليبيا، قال تورك إن انتشار العنف من قبل الجهات المسلحة والجمود السياسي طويل الأمد وزيادة القيود على الفضاء المدني، كل ذلك يؤدي إلى تدمير حياة الناس وإلحاق الضرر الشديد بالحقوق. وأشار إلى أن البعثة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا ستقدم تقريرها النهائي في ختام الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان. وشدد على ضرورة أن تنفذ السلطات توصيات التقرير دون تأخير.

لبنان

وقال تورك إن لبنان يواجه إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث، حيث تفيد المعلومات بأن أكثر من نصف سكانه يعيشون الآن تحت خط الفقر كما يواجه مليونا شخص انعدام الأمن الغذائي.

وأشار المفوض السامي إلى توقف الكثير من خدمات القطاع العام وشح الكهرباء فيما أصبح الحصول على التعليم والرعاية الصحية من الرفاهيات. وحث على بذل جهود أقوى لمحاربة الفساد وترسيخ التنظيم الاقتصادي والمالي في سيادة القانون، وتضمين المساءلة والشفافية في جميع التدابير الاقتصادية. وشدد على الحاجة الماسة إلى إجراء تحقيق جاد في انفجار آب/ أغسطس 2020 ، دون تدخل سياسي أو مزيد من التأخير.

تونس

وحول تونس أبدى المفوض السامي القلق بشأن الحملات الأخيرة التي تعرض في إطارها قضاة وإعلاميون وفاعلون في المجتمع المدني وأعضاء في المعارضة وقادة عمال للاضطهاد بما في ذلك أمام محاكم عسكرية بسبب ادعاءات تشمل جرائم أمن قومي وإرهاب. وشدد على ضرورة عكس اتجاه تقليص الفضاء المدني والمساحة المتاحة أمام النقابات العمالية المدافعة عن حقوق العمال.

وقال إن موجة من الاعتقالات والهجمات على مستوى البلاد في الآونة الأخيرة، مقرونة بخطاب عنصري، استهدفت المهاجرين ومعظمهم من جنوب الصحراء الكبرى.

وأشار إلى أن السلطات قد أعلنت قبل يومين بعض الإجراءات لدعم المهاجرين. وحث على إجراء تحقيق كامل في جميع الاعتداءات ووقف خطاب الكراهية ضد الأجانب.

مصر

وانتقل تورك إلى الوضع في مصر و”استمرار القيود على الفضاء المدني، بما في ذلك قمع المعارضة والاعتقالات التعسفية وفرض الرقابة وحجب المواقع الإلكترونية”.

وقال إن عقوبات مطولة بالسجن قد صدرت قبل يومين ضد عدد من من المدافعين عن حقوق الإنسان، بعد توجيه اتهامات ضدهم تثير التساؤلات، تتعلق بالإرهاب. وأعرب عن القلق بشأن نزاهة المحاكمة. وحث السلطات، بناء على استراتيجية مصر الوطنية لحقوق الإنسان، على الإفراج عن جميع المعتقلين تعسفيا ورفع القيود المفروضة على الفضاء المدني.

الصحراء الغربية

وبالنسبة للصحراء الغربية، قال المفوض السامي إن مكتبه يواصل مراقبة حالة حقوق الإنسان هناك عن بعد. وأشار إلى أن آخر زيارة قام بها مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كانت منذ ما يقرب من 8 أعوام. وشدد على أهمية أن يتمكن المكتب من القيام مرة أخرى ببعثات ذات مغزى إلى المنطقة.

مالي

وأعرب فولكر تورك عن القلق بشأن الوضع الأمني في وسط مالي والمنطقة الحدودية بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وقال “في هذه المنطقة تستفيد العديد من الجماعات المسلحة من العداء القبلي وغياب سلطات الدولة، لتوسيع نفوذها وشن هجمات ضد المدنيين”.

وأضاف أن الجماعات المسلحة غير الحكومية ارتكبت معظم الانتهاكات والتجاوزات، مشيرا في الوقت نفسه إلى ارتكاب القوات المسلحة المالية أيضا انتهاكات جسيمة، حدثت في بعض الأحيان برفقة أفراد عسكريين وأمنيين أجانب.

وأبدى المفوض السامي قلقه البالغ بشأن خطاب الكراهية على أسس عرقية والتهديدات والترهيب والاعتداءات على المجتمع المدني ووسائل الإعلام من جهات حكومية وغير حكومية، مما يؤدي إلى تزايد الخوف من التحدث علانية. وقال إن “هذا أمر مقلق بشكل خاص نظرا لأن البلاد تشرع في عملية انتخابية حيث يجب أن يزدهر النقاش الحر للأفكار”.

إثيوبيا

وفي إثيوبيا أكد تورك أهمية التفعيل الكامل لتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك ما يتعلق بالعدالة الانتقالية. وقال أمام مجلس حقوق الإنسان “يسعدني أن أبلغكم بأن المشاورات الوطنية حول خيارات سياسة العدالة الانتقالية افتتحت أمس، بدعم من مكتبي، وستعقبها مشاورات في جميع أنحاء البلاد مع المتضررين من النزاع”.

ورغم هذا التقدم، قال تورك إن مكتب حقوق الإنسان تلقى تقارير عن استمرار وجود قوات أمهرة الإقليمية وميليشيا فانو وكذلك قوات الدفاع الإريترية في منطقة تيغراي، مع ورود تقارير عن ارتكابها انتهاكات خطيرة للغاية.

وشدد على الحاجة لإحراز تقدم ملموس بشأن المساءلة فيما يتعلق بالانتهاكات والتجاوزات المتعلقة بالنزاع، بما في ذلك تنفيذ التقريرالصادر عن مكتبه واللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان. وأبدى المفوض السامي القلق أيضا بشأن وضع حقوق الإنسان في مناطق أخرى من إثيوبيا وخاصة أوروميا.

إريتريا

وبالإضافة إلى الوجود العسكري الإريتري المستمر في تيغراي ، أشار تورك إلى تلقي تقارير تفيد بأن إريتريا تزيد من استخدام التجنيد الإجباري والمطول. وقال إن هذه الممارسة تشبه الاستعباد وتعد المحرك الرئيسي لتدفق اللاجئين إلى الخارج. وشدد على ضرورة تغيير هذا الوضع بشكل عاجل حتى تسير إريتريا على طريق التنمية المستدامة.

حقوق الإنسان في الجوهر

وقال تورك إن العالم يواجه تحديات هائلة من بينها الصراعات والتمييز والفقر والقيود على الفضاء المدني، فيما يتعامل أيضا مع تحديات حقوقية جديدة وخاصة في المجال الرقمي تتعلق بالذكاء الصناعي والمراقبة.

وشدد على الحاجة لأسلوب جديد في التفكير وتعهدات جديدة وزيادة التمويل بشكل كبير مع وضع حقوق الإنسان في جوهر كل الجهود، لمعالجة جميع هذه التحديات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى