لن تتقارب السعودية مع الحوثيين. وإذا فعلوها سيبدأ الألم.

 

✍️ (عبدالقادر الجنيد)

***
التفاصيل كثيرة وخلفيات الأحداث متشابكة والجميع يعرفها.

وإذا ابتدأنا بشرح الخلفيات فسنثقل على القارئ ونفقد اهتمامه.

سنتكلم مباشرة عن الجديد والطريق الذي تعثرنا فيه وأوصلنا لهذا الجديد الحاصل في الوقت الحاضر وعما يعتبر من “الثوابت” التي لن تتغير.

ثم سندخل في احتمالات المستقبل.

**
أولا: الجديد في اليمن
**

١- الغزل والود الحذِر المتبادل بين السعوديين والحوثيين والإيرانيين.
مع إيحاءات باحتمال تقديم السعودية للتنازلات للحوثيين لتجديد الهدنة بشرط التقدم في مسارات تقبلها الحكومة اليمنية تنتهي بمباحثات للحل النهائي السلمي للمشكلة اليمنية.

٢- زيادة تصريحات ونشاط السفراء الغربيين لتأييد التقارب السعودي-الحوثي الإيراني تحت طنطنات ورطانات السلام لإنهاء حرب اليمن بينما يتجاهلون نفس المنطق في حرب أوكرانيا.

٣- احتجاب المجلس الرئاسي اليمني واكتفائه بتكرار مناشدة السفراء الغربيين بعدم التجاوب مع الابتزاز والطلبات والشروط الحوثية التي يطالبون بها لتجديد الهدنة.

٤- سخط وحزن وأسى عند عموم اليمنيين لما يرونه انحسار وتقاعس من قبل السعودية ومجلس الرئاسة اليمني.

**
ثانيا: عثراتنا على الطريق
**
١- السعودية، تعثرت وتريد مخرجا من حرب اليمن.

٢- أمريكا، تضغط بقوة على السعودية لإنهاء حرب اليمن.

٣- الرئاسة والحكومة اليمنية الشرعية- بأطوارها المتعاقبة وبكل أطيافها ونخبها وأحزابها- تعثرت وفشلت.

لن ندخل في التفاصيل التي يكتبها المحللون عن تعثر الشرعية سواء لأسباب داخلها أم بسبب نخر السوس في بنيانها عمدا أو عن غفلة أو عن حنق أو عن عمى بصيرة من قبل التحالف “الداعم” لها.

٤- الحوثيون، سخروا واستعملوا الدولة العميقة للنظام السابق وحشدوا العصبيات السلالية والقبلية والمناطقية الشمالية وتمكنوا من استغلال عثرات السعودية وفشل وعثرات الحكومة والقيادة اليمنية الشرعية والتغلب عليهم في الجبهات.

٥- إيران، تمكنت من تأييد الحوثيين بتغيير معادلات الحرب باستعمال الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية في أعماق السعودية والإمارات وهذا أدى إلى إعادة رسم السياسات للبلدين والعزوف عن الاستمرار في حرب اليمن.
وتمكنت إيران من دعم الحوثيين بالسلاح والخبراء العسكريين والنفط المجاني.

**
ثالثا: الثوابت التي لن تتغير
**

الجانب الإيراني-الحوثي
*

من الممكن تجديد الهدنة وحتى وقف إطلاق نار دائم ليهضم الحوثيون المكتسبات والغنائم التي انتزعوها من اليمنيين والسعوديين والأمريكيين لتفرض الثوابت الإيرانية-الحوثية وجودها بعد ذلك:

١- إيران، لن تتخلى عن الحوثيين ولا عن توسع نفوذها وهويتها ومذهبها وقوتها الناعمة في اليمن.

٢- الحوثي، متأكد أنه في قلب فرصة تاريخية سيتمكن من خلالها من حكم اليمن ولن يفرط بهذا.

٣- الحوثيون والإيرانيون، بداخلهم يقين بأن السعودية وقيادات حكومة ورئاسة الشرعية اليمنية ليسوا أندادا لهم وأنه قد تمت هزيمتهم بالفعل.

٤- لن يتخلى الحوثي عن السلاح والميليشيات ولا عن السيطرة على صنعاء وسيضيع من يفكر بمشاركته في حكم اليمن.

٥- إرادة وعزيمة وخبرات إيران أقوى من إرادة العرب وخبراتهم وستتلاعب بالشرعية والسعودية وأمريكا لعدة سنين، ثم ستقلب كل الطاولات عليهم باستعمال الحوثيين.
الظروف تتغير ووعود أمريكا بالحماية رهان غير آمن وقد انصدم الخليجيون فعلا من وفاء أمريكا بوعودها.

الجانب السعودي
*
١- السعودية، لن تقبل تواجد سيطرة إيرانية-حوثية على حدودها الجنوبية.
إذا قبلت، فإن هذا سيكون هزيمة ماحقة مؤكدة للسعودية.
أي أنه على السعودية أن تقبل بوجود بشيئين: الأول، أعداء على حدودها والثاني، أن تقبل بالهزيمة.

٢- السعودية، سيكون عليها أن تنتظر ما قد تبتكر لها إيران من مضايقات أو اعتداءات عن طريق الحوثيين بعد عدة سنين الذين سيكونون حينها أقوى بكثير وبأطماع وطموحات وادعاءات خاصة بهم بالإضافة إلى رد الجميل وتنفيذ رغبات أربابهم أوحلفائهم الإيرانيين.

٣- الكلام عن طلبات السعودية بإنشاء مناطق منزوعة السلاح بعمق عشرين كيلومتر داخل الأراضي التي تحت سيطرة الحوثيين، غير مفيد ولا يستقيم.

أي اعتداء حوثي-إيراني على السعودية في أي سيناريو نتخيله بعد عدة سنين سيكون بمجاميع قبائل وميليشيات مسلحة حوثية وبمخزون سلاح مخبأ داخل المناطق المنزوعة السلاح مناسب لحروب العصابات التي يتقنونها في الجبال.
وسيكون ضمن مخططات متشابكة مع اعتداءات على المملكة السعودية من شمالها وشرقها وبمساعدة الطائرات المسيرة،

الجانب اليمني
*

إذا تخلت السعودية عن دعم الشرعية فهذه هي السيناريوهات المحتملة:

١- الانسحاب السعودي المفاجئ من اليمن
*
هذا هو أسوأ سيناريو يمكن تخيله لسقوط اليمن.
سيناريو يحتاج لارتباك سعودي كامل.

إذا تخلت السعودية فجأة عن اليمن الشرعي وعن حكومته ورئاسته ماليا وعسكريا ومعنويا، فستكون مباغتة صادمة لليمنيين قد تصيبهم بالذهول والارتباك ويستغلها الحوثيون في بسط نفوذهم على كل اليمن شمالا وجنوبا خلال عدة أسابيع.

وسيكون هذا مشابها لانسحاب أمريكا المفاجئ من أفغانستان وانتشار طالبان مثل أسراب الجراد تأكل الزرع والضرع وتنشر الفقر والجوع والقهر والظلم والعنصرية في كل البلاد.

ولهذا ليس من مصلحتنا انسحاب السعودية المفاجئ ولا من مصلحتها هي أيضا.

٢- الانسحاب السعودي البطيئ بالهدنة
*

سيتضمن هذا السيناريو إتفاقا بين السعودية والحوثيين وسيتم مراضاة الحوثيين بمكاسب وغنائم على حساب السعودية وعلى حساب نفط وغاز اليمن مع وعود حوثية بالدخول في مباحثات سلام.

وهذا هو ما سيحدث:

١- سيشعر الحوثيون والإيرانيون بالفخر وسترتفع معنوياتهم بأنهم قد انتصروا على السعوديين والأمريكيين والأوروبيين وأن هذا هو ما كانوا يقولونه ويتوقعونه فعلا طوال سنوات الحرب الثمان الماضية.

٢- لن يدخل الحوثيون في مباحثات سلام للتوصل لحل سلمي شامل نهائي لأزمة اليمن.
وإذا وافق الحوثيون على مفاوضات سلام فسيكون هذا بعد وقت طويل تكون قد ضعفت فيها القوى المناوئة لهم أكثر وأصبحت بلا حول ولا قوة ولا دعم سعودي وستتبخر المفاوضات والمفاوضون.

٣- ستنتكس معنويات الشعب اليمني وسيدخلون في مرحلة مؤلمة حزينة من التسليم بالأمر الواقع.

٤- لن تتوحد التشكيلات المسلحة التي أنشأتها الإمارات في عدن والمخاء والعمالقة والنخب الحضرمية والشبوانية والأحزمة الأمنية مع بعضها ولا مع الجيش الوطني تحت قيادة وزارة الدفاع.

وربما يزداد ضعف هذه التشكيلات المسلحة إذا انقطع عنها التمويل الإماراتي والسعودي وعجزت حكومة الشرعية عن الإنفاق على الجيش الوطني.

وربما تتشرذم اليمن.

وربما تصبح اليمن الممزقة لقما سائغة يلتهمها الحوثيون واحدة تلو الأخرى.

ولهذا ليس من مصلحتنا انسحاب السعودية البطيئ ولا من مصلحتها هي أيضا.

من مصلحة السعودية المحافظة على تحالفها معنا، بالرغم من كل علاتنا.

ومن مصلحة اليمنيين أن يحافظوا على تحالفهم مع السعودية، بالرغم من كل علاتهم.

**
رابعا: مصير الغزل السعودي-الحوثي هو الصراع المؤجل
**

إذا استمرت نغمات هذا الصفير السعودي لمناداة ومناجاة الحوثيين، من تحت الشباك أمامنا وعلى مرئى ومسمع منا، أو من وراء الستارة من حيث لا نرى ولا ندري ولا نعلم، فهذه النجوى والمناجاة ستكون لها عواقب عليهم وعلينا.

العواقب التي ستقع علينا- نحن اليمنيون- ستكون كلها من باب:
“لا يضير الشاه سلخها بعد ذبحها”.

لن نشعر حينها بأي شيئ.

العواقب التي ستقع على أشقاءنا السعوديين، ستكون كلها من باب:
“لقد أُكِلتُ يوم أُكل الثور الأسود”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى