قائمة العار ترحب بكم

 

✍️ زكريا الكمالي

 

لا يوجد تفسير منطقي لغضب الحوثيين
من إدراج الجماعة في “قائمة العار” الأممية للدول والجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال، فهل هم جادون فعلاً في أن أياديهم غير ملطخة بدماء أطفال اليمن، أم أن السبب وراء ضخ سيل من البيانات المنددة، وتنفيذ الوقفات الاحتجاجية، يعود إلى عدم وجود “التحالف العربي” وإسرائيل في اللائحة السوداء ذاتها، على اعتبار أنّ هناك مجرمين مثلنا خارج الحلبة؟

إذا كانت الجماعة تشعر بالوحشة من وجودها منفردة في القائمة، فلا مشكلة، سُتسعد بالتأكيد بمجاورة جيش ميانمار وجماعة “بوكو حرام”، كما أن قوات النظام السوري متواجدة، ومن المؤكد أنهما سيشكلان ثنائياً متناغماً يفوق مهارات الجميع في الانتهاكات، ويلعبان المباراة النهائية في بطولة العار. منذ إعلان الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، إدراج الحوثيين في اللائحة السوداء عقب اتهامهم بقتل وتشويه أكثر من 250 طفلاً يمنياً خلال 2020، والجماعة تعيش في حالة طوارئ. خرج بيان المكتب السياسي للحوثيين عن الحصافة واللغة السياسية عندما وصف الأمم المتحدة بـ”المنصة التافهة” وبـ”بوق رخيص يردد ترهات وسخافات تحالف العدوان”.

بالنسبة لجماعة مصابة بداء الاضطهاد والمظلومية، من الطبيعي أن تصف أي قرار لا يلبي مصالحها بـ”الجائر”، لكن المؤشر الخطير كان في اتخاذ الحوثيين لهذا الملف الإنساني مادة للمقايضة السياسية وابتزاز الأمم المتحدة.

لوّح المكتب السياسي للحوثيين بعدم التعامل مع المبعوث الأممي المرتقب، وقال إن الأمم المتحدة بتصنيفها الجديد “قطعت ما تبقى لها من همزة وصل مع الشعب اليمني وأعلنت نفسها طرفاً إلى جانب تحالف العدوان”. كما أبلغ نائب وزير خارجية الجماعة، حسين العزّي، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، وليام جريسلي، أن السياسة الأممية “لا تخدم السلام في اليمن ولا تبني الثقة بقدر ما تفاقم المخاوف والشكوك حيال جدية المجتمع الدولي مع موضوع السلام”.

طيلة السنوات الماضية وجماعة الحوثيين تستخدم الورقة الإنسانية مادة للمساومة مع المجتمع الدولي، وتحصد من ورائها مكاسب سياسية لتبييض سجلها المرصع بالانتهاكات. تحت مبرر الأزمة الإنسانية، نجحت في الإفلات من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وتحت مبرر الحصار ترفض كل مبادرات السلام المطروحة، وتحت مبرر السلام الذي تركله كلما يقترب منها، لا تقبل اتهامات بارتكاب انتهاكات ضد الأطفال.

لم تقدم الجماعة أي وقائع لتفنيد التصنيف الأممي، غير المقايضة السياسية أو إعادة نشر لقطات مصورة لأشلاء أطفال سقطوا طيلة السنوات الست الماضية من عمر الحرب، على الرغم من أن التصنيف يتعلق بانتهاكات العام 2020 فقط.

في تقرير العام 2019 عند استثناء التحالف السعودي بعد أيام من الإدراج، كان القرار الأممي مخزياً بالفعل، فضلاً عن السنوات السابقة التي شهدت انتهاكات واضحة للعيان من الطيران الحربي. لكن في العام 2020، اقتصر الحضور الجوي لطيران التحالف على الأطراف الغربية لمأرب والجوف بدرجة رئيسية، ومع ذلك قد يكون هناك انتهاكات مترافقة يفترض بالحوثيين تقديمها بالأرقام بدلاً عن الابتزاز السياسي.

جميع أطراف الحرب اليمنية لديها بالتأكيد سجل أسود في انتهاكات متفاوتة لحقوق الأطفال، لكن الانتهاكات الحوثية من عالم آخر. هجمات لم تتوقف على تعز ومأرب والحديدة، أرقام قياسية في تجنيد الأطفال، ألغام أرضية حصدت أرواح عشرات الأطفال. ولذلك، فإن التصنيف الأممي يضع الجماعة المناسبة في القائمة الأنسب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى