ضرورة احترام حقوق الإنسان في المجتمع

 

د / رلى حسون
ناشطة في السلام وحقوق الانسان ،

إن الحديث احترام حقوق الإنسان هو مصلحة عليا لكل فرد
وجماعة وشعب والإنسانية جمعاء، باعتبار أن تمتع كل فرد بالكرامة والحرية والمساواة هو عامل حاسم في ازدهار الشخصية الإنسانية وفي النهوض بالأوطان وتنمية ثرواتها المادية والبشرية وفي تعزيز الشعور بالمواطنة كاملة غير منقوصة. لكل فرد في المجتمع .

فلا يكفي ترديد فقط مبادئ حقوق الإنسان وانتظار من الناس أن تتبناها، بل يجب ربط هذه المبادئ بالحياة اليومية والثقافات المحلية لتبيان أن تبنيها سيساعد في تحسين التواصل والتفاهم والتسامح والمساواة والاستقامة. فلا يمكن تعليم حقوق الإنسان في فراغ، بل لا مناص من تعليمها من خلال تطبيقها وتكريسها مباشرة على أرض الواقع وفي هذا الصدد إن تعليم حقوق الإنسان في فراغ دون ربطه بالواقع المعيش من شأنه أن يؤدي إلى التعرف السطحي على حقوق لا يمكن تحقيقها حاليا الشيء الذي قد يؤدي بدوره إلى عكس المنتظر.
وهناك عدة مناهج يمكن اعتمادها لتكريس حقوق الإنسان ونشرها. ومن ضمنها الأخلاق والتربية الوطنية والتربية على المواطنة والتربية ذات البعد العالمي والتربية على التعامل مع وسائل الإعلام والارتقاء بحقوق الإنسان والدفاع عنها الى الأفضل والمنهج المعتمد على الثقافة العامة.
ومنهج الأخلاق والتربية الوطنية يعتمد على إعداد الأطفال للعب دور المواطن عبر تعليمه الحقوق والواجبات، واعتبار لكون الأخلاق والتربية الوطنية تؤسس للتربية على المواطنة.

أما التربية على المواطنة فتعتمد حقوق الإنسان السياسية وثقافة السلام والديموقراطية والتنمية والتسامح والسلم الاجتماعي.
وفيما يخص التربية ذات البعد العالمي، فإنها تعتمد على فهم التعاون والسلام الإنساني و و العالمي ومبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
في حين تسعى التربية على التعامل مع وسائل الإعلام لتطوير قدرة الطفل أو الشاب على فرز وتحليل المعلومات التي تبثها وسائل الإعلام وتدريبه على بلورة تفكير نقدي في المناقشة والبحث على الوقائع والدلائل وتثمين وتقييم عواقب مختلف الإعلانات المذاعة والأعمال المنجزة.
والارتقاء بحقوق الإنسان والدفاع عنها، فإنه نهج يعنى باحترام حقوق الإنسان والاهتمام بالمطالبة بها والدفاع عنها. وهذا نهج يعطي بعدا آخر للتربية على حقوق الإنسان، أي إعداد المتلقي لتكريسها والاهتمام بالدفاع عنها ونشرها في بيئته.
أما المنهج المعتمد على الثقافة العامة، أنه يسعى إلى استعمال الثقافة الشعبية والمسرح والأمثال والحاكيات لفهم فحوى حقوق الإنسان. علما أن هذه الحقوق لا يمكن استيعابها إلا عبر مختلف مكونات الثقافة السائدة في المجتماعات .
ونموذج القيم والوعي ‘ يرتكز بالأساس على نشر المعرفة الأساسية لقضايا حقوق الإنسان وتعزيز اندماجها بالقيم العامة والهدف هو إدراك والتزام الأهداف لمعيارية التي يتضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية المرتبطة به. والاستراتيجية التربوية المتبعة في هذا النموذج هي المشاركة لاجتذاب اهتمام الأشخاص المراد تعليمهم، والمقصود هو الدعم الجماهيري لحقوق الإنسان للضغط على السلطات لحمايتها.
إن ما يتوخاه تعليم حقوق الإنسان في نهاية المطاف هو العمل على إشاعة ثقافة حقوق الإنسان في مجتمعنا، وبالتالي تبني هذه الحقوق والدفاع عنها. إلا أنه يجب أن يكون تعليم حقوق الإنسان مصمما ضمن استراتيجية واضحة المقاصد، ما دام يتعدى مجرد التعرف عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود المرتبطة بتلك الحقوق إلى التعرف على آليات تفعيل الحقوق وآليات الحماية المتصلة بها وكيفية استخدامها.
كما أن تعليم حقوق الإنسان عليه أن ينطبق على حياة الناس اليومية وعلى استخدام أساليب تضمن اكتساب مهارات التعبير عن المواقف ومهارات تطوير المعارف في مجال تلك الحقوق أكثر ما يتصل بمجرد إلقاء محاضرات وتنظيم مناظرات أو ندوات. ويمكن إجمال أهداف التربية على حقوق الإنسان في تنمية الشخصية تجدير الإحساس بالكرامة والحرية والمساواة والعدل الاجتماعي والممارسة الديموقراطية. وذلك عبر تعزيز وعي المواطنين بحقوقهم قصد تمكينهم من تحويل مبادئ حقوق الإنسان إلى حقيقة اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية ورفع قدرتهم على الدفاع عنها وصيانتها.
فلا مندوحة إذن عن بلورة استراتيجية خاصة بتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها، وعلى هذه الاستراتيجية تبيان كيفية تجدير مبادئ حقوق الإنسان وسط المجتمع على المدى القصير والوسائل المعتمدة الموصلة لذلك. ولعل أول ما يجب الإقرار به هو اعتماد حقوق الإنسان كمادة وتحديد نسبة زمنية مخصصة لها ضمن استعمال الزمن الإجمالي للبرامج، لكن كمادة مصممة لتتداخل مع جميع المناهج الدراسية وأن لا تبقى كمادة ثانوية للديكور فحسب. وهذا هو الإطار العام والحد الأدنى من الشروط الكفيلة بتحويل مادة حقوق الإنسان إلى مادة لها خصوصيتها وقيمتها شأنها شأن المواد الدراسية الأخرى.
كما أن لوسائل الإعلام دورا حيويا وجوهريا في هذا الصدد إذ عليها أن تساهم فعلا وفعليا في خدمة التربية والتثقيف في مجال التربية على حقوق الإنسان والديموقراطية، وذلك عبر منهجية شاملة تربط بين المعرفة والوجدان والأداء.
وبهذا المنظور يمكن لتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها أن يتطور ليصبح حقلا تربويا كاملا ونهجا لدراسة أوضاع المجتمع وبنائه، لاسيما وأن هناك علاقة وثيقة بين عدم احترام حقوق الإنسان وتفشي الفقر والفساد بين المجتمماعات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى