تقنية ليزر تكشف عن حضارة “مفقودة” في أعماق الأمازون

 

نيويورك  – عين اليمن الحر  – لايف ساينس

وجدت دراسة جديدة أدلة على وجود مستوطنات غير معروفة أقامتها حضارة “مفقودة” ما قبل الإسبان في منطقة الأمازون، باستخدام الملايين من أجهزة الليزر على متن طائرة هليكوبتر.

ووقع الكشف عن الأطلال مترامية الأطراف للمستوطنات الأمازونية، التي كانت في يوم من الأيام موطنا لمجتمع زراعي للسكان الأصليين، مع ميل إلى علم الكونيات في الغابة البوليفية، مخبأة تحت غطاء نباتي يبدو أنه لا يمكن اختراقه.

وتعد المواقع الستة والعشرون، التي لم يكن نصفها تقريبا معروفا من قبل لعلماء الآثار، مثالا آخر على منطقة الأمازون موطنا لمستوطنات كبيرة وطويلة ومجتمعات قديمة معقدة قبل الغزو الإسباني الذي قضى على الأمريكتين.

وأدى هذا الاكتشاف إلى حل نقاش علمي طويل الأمد حول ما إذا كانت المنطقة قادرة على استيعاب عدد كبير من السكان.

وتشير النتائج إلى أن شعب كازرابي الغامض، الذي عاش في منطقة Llanos de Mojos في حوض الأمازون بين 500 و1400 ميلادي، كان أكبر عددا بكثير مما كان يُعتقد سابقا، وأنهم طوروا حضارة واسعة النطاق تكيفت بدقة مع البيئة الفريدة، وفقا للدراسة، المنشورة على الإنترنت، يوم الأربعاء 25 مايو، في مجلة Nature.

واستخدم العلماء في الدراسة تقنية ليدار (LIDAR) المحمولة جوا، حيث ترتد آلاف نبضات الليزر بالأشعة تحت الحمراء كل ثانية عن التضاريس للكشف عن الهياكل الأثرية تحت الغطاء النباتي الكثيف. واكتشفوا عدة مستوطنات غير معروفة داخل شبكة من الطرق والجسور والخزانات والقنوات، التي كانت تحيط بمستعمرتين كبيرتين جدا من كازرابي، تسمى الآن كوتوكا ولانديفار.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة هيكو برومرز، عالم الآثار في المعهد الأثري الألماني في بون، لموقع “لايف ساينس”: “في غضون ساعة واحدة من المشي، يمكنك الوصول إلى مستوطنة أخرى. هذه علامة على أن هذه المنطقة كانت مكتظة بالسكان في عصور ما قبل الإسبان”.

ودرس برومرز وزملاؤه آثار كازرابي في المنطقة، التي أصبحت الآن جزءا من بوليفيا، لأكثر من 20 عاما.

ومنطقة Llanos de Mojos هي عبارة عن سافانا استوائية منخفضة في جنوب غرب حوض الأمازون. ولها مواسم رطبة وجافة مميزة كل عام – الأشهر الأكثر جفافا لا يوجد بها أمطار، ولكن خلال موسم الأمطار بين نوفمبر وأبريل، تغمر المياه الكثير من المنطقة لعدة أشهر في كل مرة.

وأوضح برومرز أن الإسبان في القرن السادس عشر لم يجدوا سوى مجتمعات معزولة تعيش هناك، وكان العلماء يفترضون أن سكان المنطقة ما قبل الإسبان كانوا متماثلين. وعثر على أعمال الحفر في الستينيات، لكن العديد من العلماء شككوا في ما إذا كانت آثارا أو سمات طبيعية.

لكن الاكتشافات الأخيرة دحضت أخيرا فكرة أن المنطقة كانت قليلة السكان، وأظهرت أن شعب كزرابي أسس بدلا من ذلك “عمرانا استوائيا منخفض الكثافة” عبر منطقة شاسعة، بحسب برومرز.

وتابع عالم الآثار أن مستوطنات كازرابي الأصغر يمكن أن تكون موطنا لآلاف الأشخاص، 24 منها معروفة الآن، عثر على تسعة منها لأول مرة في دراسة “ليدار” الأخيرة.

وارتبطت المستوطنات بالطرق والجسور، ووقع بناؤها في دوائر متحدة المركز تقريبا حول موقعي كازرابي الرئيسيين في كوتوكا ولانديفار، وكلاهما كان معروفا من قبل، ولكن لم يتم الكشف عن مداهما الحقيقي إلا الآن بواسطة ليدار.

وكان كل من كوتوكا ولانديفار متمركزين في مواقع احتفالية بها منصات ضخمة مرتفعة من الأرض، تعلوها أهرامات ضخمة.

ويشار إلى أن المعتقدات الدينية لشعب كازارابي غير معروفة، لكن الدراسة كشفت أن المنصات والأهرامات كانت موجهة نحو الشمال والشمال الغربي – نفس اتجاه مدافن كازرابي التي عثر عليها.

ومن السمات غير العادية للمستوطنات أن شعب الكازرابي شيدها ضمن بنية تحتية ضخمة من القنوات والخزانات لإدارة المياه.

وإلى جانب الطرق والجسور، فإن هذه الممرات المائية تسير في جميع الاتجاهات من المستوطنات الرئيسية مثل كوتوكا وتمثل استثمارا كبيرا في إدارة المناظر الطبيعية وتعبئة العمالة، كما كتب الباحثون في الدراسة.

وقال برومرز إن هذا النظام ربما استخدم للسيطرة على الفيضانات الموسمية في المنطقة، للسماح بزراعة الذرة والمحاصيل الأخرى في المناطق المرتفعة، ومن المحتمل أن بعض الخزانات كانت تستخدم لتربية الأسماك، والتي قد تكون مصدرا مهما للبروتين لشعب كازرابي.

ويخمن أن ندرة المياه ربما لعبت دورا في زوال حضارة كازرابي في نحو 1400 ميلادي، أي قبل أكثر من 100 عام من وصول الإسبان. وأضاف أنه من المحتمل أنه بسبب اعتماد نظام إدارة المياه بشكل كبير على الفيضانات أو مصادر المياه الأخرى، انهارت الحضارة التي اعتمدت عليها خلال فترة الجفاف الطويلة بسبب تغير المناخ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى