تأملات في مصير اليمن بعد إتفاق السعودية وإيران

 

✍️عبدالقادر الجنيد

***

هل يمكن الكلام بدون رتوش ومكياچ وتجميل عن مصير اليمن بعد إتفاق الصين؟

سنبدأ بمحاولة فهم فكرة إتفاق الصين.

س : ما هي فكرة إتفاق الصين؟
ج : تجميد صراع اليمن بإعطاء كل جانب إقليمي أو محلي قطعة من الكعكة.

يقولون بأنه لا يجب أن يوجد منتصر أو مهزوم في حرب اليمن.

يقولون بأنه يجب أن تكون إيران منتصرة وفي نفس الوقت تكون السعودية منتصرة.

يقولون بأنه يجب أن يكون الحوثيون منتصرون وفي نفس الوقت يكون أطراف الشرعية المتنوعون المختلفون المتخالفون منتصرون.

وسيغرقون الرأي العام- وخصوصا في السعودية وأوساط الشرعية اليمنية الرسمية- بالتحليلات والتلخيصات والدعايات بأن هذا هو أفضل حل لليمن كوطن وكمجتمع وكإنسان.

الجدير بالتنويه، هو أن الإيرانيين والحوثيين لا يطبلون ولا يطنطنون كثيرا لإتفاق الصين كما يفعل الطرف الآخر.

أنا معي سؤال وعندي إجابته المعروفة التي لن أغيرها، ولكني أريدكم أن تسألونه لأنفسكم وتجيبونه لأنفسكم:

“هل يمكن أن تنتهي هذه الحرب في اليمن بدون مهزومين وبانتصار عبد الملك الحوثي ورشاد العليمي في نفس الوقت؟”

بعد أن انتهينا من “الفكرة” التي خلف إتفاق الصين، سنتأمل في مصير اليمن بعد إتفاق الصين.

يجب أولا الإجابة على هذه الأسئلة:
*
س ١: من هم المؤثرون على مصير اليمن هذه الأيام؟
ج ١: هناك ثلاثة مؤثرون: مكتب المرشد العام – مكتب السَّيِّد – مكتب ولي العهد

س ٢: ما هي المصالح الحيوية العليا للمؤثرين على مصير اليمن؟
ج ٢: البقاء مع نوع من السيطرة.

**
أولا: مكتب “المرشد العام” في إيران
**

أقوى مؤسسة في البلاد.
هذا المكتب هو صاحب الحل والعقد في إيران ولا يمكن لأي أحد مخالفته أو مساءلته.

المصالح الحيوية العليا للمرشد
*
١- حماية نظام الملالي في إيران.

٢- السيطرة على الدول المجاورة بواسطة حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والعلويين في سوريا والحوثيين في اليمن.

٣- نقل معارك إيران إلى الدول المجاورة أفضل من خوضها داخل البلاد.

٤- عدم التخلي أبدا عن الميليشيات الطائفية التابعة لها.

٥- بناء عقيدة عسكرية واستراتيجية واستعمال تكتيكات قائمة على تحمل التضحيات وعلى التسليح الذاتي لمواجهة أي تهديد محلي أو أمريكي.

٦- يمكن التظاهر بقبول قطعة من الكعكة مع الاستمرار بنخر نصيب السعوديين واليمنيين الآخرين من كعكة إتفاق الصين.

النتيجة بالنسبة لليمن
*
لن يتخلى مكتب المرشد العام عن الحوثيين في اليمن.
سواء بإتفاق الصين أو أي إتفاق.
لن نزيد أو نعيد فوق هذه الجملة ولا حتى كلمة واحدة.

**
ثانيا: مكتب السَّيِّد في اليمن
**

عندما يقول أي شخص تابع للحوثيين في صنعاء أو صعدة أو أي مكان آخر كلمة “السيد”- The Master- بدون ذكر أي إسم فإن هذا يعني عبد الملك الحوثي.
ولا يدرون مقدار العيب باستعمال كلمة “السيد”.
قد رفعوه إلى درجة القداسة الغامضة الحيَّة.

مكتب السيد، هذا المكتب هو صاحب الحل والعقد في مناطق الحوثيين شمال اليمن ولا يمكن لأي أحد مخالفته أو مساءلته.

المصالح الحيوية العليا للسيد
*

١- حماية نظام حكم هاشمي سلالي في اليمن.

٢- السيطرة على كل اليمن بحشد العصبيات السلالية والقبلية والعنصرية وبترويع المعارضين.

٣- التحالف مع مكتب المرشد العام في إيران وحزب الله في لبنان وباقي الميليشيات الشيعية في المنطقة وإدخال اليمن إلى محور الممانعة الذي تقوده إيران.

٤- عدم القبول الحوثي بأي نفوذ أو تأثير للسعودية داخل اليمن.

٥- عدم القبول الحوثي بأي مشاركة في السيطرة والنفوذ والمصالح المالية والاقتصادية مع قوى الشرعية أو المجلس الرئاسي أو الأحزاب أو أي قوى محلية أخرى سواء كانت دينية أو قبلية أو مناطقية أو من رجال المال والأعمال.

٦- لن يكلف الحوثيون أنفسهم حتى بالتظاهر بقبول قطعة من الكعكة وسيستمرون بنخر نصيب السعوديين واليمنيين الآخرين من كعكة إتفاق الصين.

النتيجة بالنسبة لليمن
*
لن يتخلى مكتب السيد عن الهدف الهاشمي الإيراني في اليمن.
سواء بإتفاق الصين أو أي إتفاق.
لن نزيد أو نعيد فوق هذه الجملة ولا حتى كلمة واحدة.

**
ثالثا: مكتب ولي العهد في السعودية
**

ولي العهد محمد بن سلمان، هو أقوى شخص في البلاد.
وهو صاحب الحل والعقد في السعودية ولا يمكن لأي أحد مخالفته أو مساءلته.

المصالح الحيوية العليا لولي العهد
*

١- حماية نظام الحكم في السعودية.

٢- حماية السعودية من مخططات إيران في تصدير الثورة الإسلامية وتربيتها وتدريبها وتسليحها للميليشيات الطائفية الشيعية المعادية لبقية أهل بلادهم داخليا في البلاد العربية المجاورة وتمددها لتهديد المملكة وأصدقائها ومصالحها.

٣- دفع أي ثمن لإيران والحوثيين لتجنب ضرب منشآت السعودية المدنية بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية.

٤- عدم السماح بسيطرة “السَّيِّد”- The Master- المطلقة على اليمن.

٥- عدم القبول بأن تصبح اليمن إحدى حدائق إيران العديدة في المنطقة بعد أن كانت كما يقول المحللون أنها “الحديقة الخلفية” للسعودية فقط.

٦- التفرغ لتنفيذ خطط ولي العهد لبناء الاقتصاد السعودي لتنويع الموارد ومصادر الحصول على الثروة والاستعداد لمرحلة ما بعد انتهاء أهمية النفط، وهذا كله يعني إنهاء الصراع مع إيران والقبول- على مضض- بالحوثيين وربما إعطاء ظهرها لليمن.

النتيجة بالنسبة لليمن
*
النتيجة ضبابية.
تمر السعودية بحالة ضبابية ناتجة من تناقض مصلحتين من مصالحها الحيوية العليا.

المصلحة السعودية الأولى،
عدم قبول المملكة لتعرض أعماقها المدنية للضرب بالمقذوفات والمسيرات والصواريخ من قبل الحوثيين والإيرانيين.

المصلحة السعودية الثانية،
عدم قبول المملكة بسيطرة كل من “السيد” الحوثي القادم من صعدة و “المرشد” الشيعي المقيم في قُم على اليمن الواقعة على حدودها الجنوبية.

التحركات الدبلوماسية واستعمال المحللين ووسائل الإعلام، لن تخرج المملكة السعودية من الحالة الضبابية التي تسير بداخلها وسط تناقضات مصالحها الحيوية العليا.

لا يوجد حل مناسب لهذا التناقض بين هاتين المصلحتين.
يمكن أن تبذل المملكة الجهد وتدفع التضحيات الآن.
ويمكن أن تقرر المملكة أن تؤجل المعاناة والتضحيات لعدة سنين.

**
رابعا: إنقاذ اليمن الحقيقي
**

أما نحن اليمنيون، فإننا لا نريد أن نكون إحدى حدائق إيران ولا نريد في نفس الوقت أن نكون الحديقة الخلفية للسعودية.

أما نحن اليمنيون، فإننا لا نريد أبدا استعمال كلمة “السَّيِّد”- The Master

أما نحن اليمنيون المناوؤون للحوثيين فإننا سنستمر بالمعاناة وانعدام الحليف المستنير وانعدام القدرة على رص الصفوف وانعدام القيادة التي تستطيع أن تلهم الشعب وتكسب ثقة وعقول وقلوب الأغلبية الصامتة في شرق وغرب وجنوب وشمال اليمن لتحتشد وتخلص اليمن من آلامها.

“القيادة الواحدة” و “الحليف المستنير” و “الأغلبية الصامتة”، هي المكونات الثلاثة لوصفة الإنقاذ الحقيقية لليمن.

عبدالقادر الجنيد
٢٢ مارس ٢٠٢٣

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى