بالمكشوف.. كيف نعيد صياغة العلاقة بين الشرعية والتحالف العربي؟

أ د / عادل الشجاع

لست بحاجة إلى لفت الأنظار إلى الهوة العميقة التي تفصل بين الشرعية وتحالف دعمها . فبعد أن كانت العلاقة بين الطرفين تقوم على الدعم من قبل التحالف لاستعادة الدولة من يد عصابة الحوثي الإرهابية ، تحول إلى صراع بين الطرفين . منذ فترة بعيدة بدأ الصراع بين الإمارات وحزب الإصلاح بسبب الصراع الإقليمي الذي عكس نفسه على الطرفين . الإمارات تعاملت مع حزب الإصلاح كأنه خصم خارج الشرعية . والإصلاح ضحى بالقضية الوطنية لصالح الصراع الإقليمي . كان بإمكان الإمارات أن تضغط في اتجاه إصلاح الشرعية والتعامل مع الإصلاح كواحد من مكونات هذه الشرعية دون السماح له بالتفرد بالقرار . هذه الخطوة كانت ستحفظ للطرفين التوازن وستمكنهما من الاستمرار فى مواجهة الحوثي الذي كان سببا في هذه الحرب وما زال سببا في استمرارها . ومن هذا المنطلق لابد من عقد حوار بين تحالف دعم الشرعية والشرعية بحضور كل القوى السياسية والوقوف أمام الهدف الذي قامت من أجله هذه الحرب . المعركة اليوم لأجل إستعادة الدولة . من الأهمية بمكان الحوار بين الشرعية وتحالف دعم الشرعية لكي يكتمل القرار الوطني ولكي لا نعكس الخلافات الإقليمية البينية على الأزمة في اليمن . لنكن واقعيين في التعاطي مع الأزمة اليمنية ، ونعي بأن الخطر الحقيقي على اليمن يأتي من الحوثي من الداخل ، أما الخارج فيمكن مواجهته بوسائل متعددة ، سياسية أو عسكرية ، لكن خطر الحوثي يأتي من التعصب السلالي الطائفي واستيراده للثورة الإيرانية واعلانه للحرب غصبا عن اليمنيين دون أن يفوضه أحد في خوض هذه الحرب . علينا أن نتعامل مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات على أنهما دول لها مصالحها وليستا جمعيات خيرية . من هذا المنطلق لابد من مواءمة مصالح اليمن مع مصالحهما . في هذه الحالة لن يكون من مصلحة هاتين الدولتين إنهيار الجسم السياسي ، لأن حصتهما ستنهار أيضأ .

نحتاج فقط إلى توسيع القرار داخل الشرعية ونعمل كشركاء وليس كأجراء . سأنقل حديثي للقوى السياسية اليمنية لأطلب منها أن تترفع عن الصغائر فليس هناك عدو يستحق أن نتنازل لبعضنا البعض كالحوثي. لا ننكر أن النفوس مازالت ملوثة بغبار 2011 ، لذلك مازال الإقصاء مستمرا والحرب الباردة والساخنة بين المؤتمر والإصلاح أكثر إستمرارا من الحرب العالمية الثانية التي هدمت مدنا متحضرة وقتلت ملايين. لكن العالم استفاد من تلك الحرب ، فكلمة استسلام التي تعني ما يشبه العار الوطني أصبحت عند الألمان واليابانيين نعمة لأنها نقلت مجتمعاتها إلى السلام والاستقرار . المعركة الحقيقية اليوم مع مختطف الدولة عصابة الحوثي الإرهابية التي ترفع شعار الموت للإنسانية كلها ، فلماذا نحرف مسار المعركة ونقتتل فيما بيننا . نحن نستخدم اليوم كلمتي النصر والهزيمة يوميا أكثر من تنفسنا للهواء ، ونحن لا ننتبه إلى أن هزيمة أيا منا يعني هزيمة الجميع . نصر أي منا على الآخر يتحول إلى مأزق يشبه الهزيمة التي تتوزع على اليمنيين الذين دفعوا إلى هذه الحرب التي يدفعون ثمنها قتلى وجرحى ونازحين ومهجرين . لابد لقيادات الإصلاح أن تمتلك الشجاعة وتتخذ الخطوة الأولى في تطبيع العلاقات مع بقية القوى الأخرى ، لأنه لو استمرت الشرعية بهذه التركيبة فستظل الحرب تتوالد من لهيب إلى لهيب تحرق المتحاربين جميعا . الخصم هو الحوثي الذي انقض على الدولة ومؤسساتها ويرفض أي تسوية ويعتبر الآخرين أعداءه ، هو في تركيبته ضد السلام . لايمكن الفصل بين الشرعية والإصلاح ، وليس من مصلحة التحالف فتح جبهة مع الإصلاح ، كما أنه ليس من مصلحة الإصلاح خوض معركة مع التحالف . دخلت الشرعية الحرب ومعها التحالف العربي لاستعادة الدولة من يد عصابة الحوثي الإرهابية . إن فتح معركة جانبية بين الإمارات وحزب الإصلاح سيقوض هذا الهدف . للخروج من هذه الأزمة لابد من إعادة صياغة الشرعية من جميع المكونات بحكومة فاعلة . المواجهة مع الحوثي مصيرية ، فليس هناك حل سلمي معه ، لأن السلاح لا ينتهي دوره إلا بالسلاح . وأفضل طريقة لمواجهة الحوثي عي عبر إعادة تشكيل الشرعية . علينا أن نصيغ مصالحنا بشكل واضح مع الحلفاء حتى لا نجعل اليمن لقمة سائغة لإيران ، ولا نسمح للصراعات البينية أن تعكس نفسها على اليمن . لكل ما سبق نحتاج أن نتوافق سياسيا ونعزل عواطفنا جانبا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى