اليوان و”التهديدات القديمة”.. المعضلة السعودية للتقارب من الصين وروسيا

 

 

نيويورك – عين اليمن الحر – رويتز

تكثف الولايات المتحدة وبريطانيا ضغوطهما على السعودية لضخ مزيد من النفط والانضمام لجهود فرض عزلة دولية على روسيا، لكن الرياض في المقابل لم تبد استعدادا يذكر للتجاوب وجددت تهديداتها السابقة بالتخلي عن الدولار في مبيعاتها النفطية للصين.

وتوجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى السعودية، أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم، الأربعاء، بعد يوم من وصول المستشار الأمني الأميركي بريت ماكغورك برفقة وفد أميركي إلى الرياض.

وتجاهلت السعودية والإمارات، وهما من بين عدد قليل من المنتجين الذين لديهم فائض طاقة إنتاجية، الدعوات الغربية بضخ مزيد من الخام لتهدئة الأسعار الآخذة في الارتفاع والتزمت بدلا من ذلك بترتيب متفق عليه بشأن الإمدادات في إطار تكتل أوبك+ مع روسيا ودول أخرى.

وكان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حاكم المملكة الفعلي، قد واجه انتقادات غربية حادة بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018 وكذلك بسبب سجل الرياض في مجال حقوق الإنسان وحرب اليمن. ويرفض الرئيس الأميركي جو بايدن حتى الآن التعامل مباشرة مع الأمير محمد.

ومع وصول العلاقات الأميركية السعودية إلى مستوى متدن، لجأ الأمير محمد إلى تعزيز العلاقات مع روسيا والصين، على الرغم من أن المملكة لا تزال تتمتع بعلاقات أمنية وثيقة مع واشنطن.

وقال مصدران إن ماكغورك ومسؤولين أميركيين آخرين اجتمعوا بمسؤولين سعوديين كبار يوم الثلاثاء، وضغطوا عليهم لضخ مزيد من النفط وإيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب في اليمن، حيث تقاتل قوات تقودها السعودية جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

وقال أحد المصدرين، الذي اطلع على المناقشات لرويترز “ستكون مخطئا إذا كنت تعتقد بأن واشنطن ستتخلى عن هذين الملفين”.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن ماكغورك زار الشرق الأوسط “لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا، من بينها اليمن”، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.

في غضون ذلك، وصف رئيس الوزراء البريطاني السعودية والإمارات بأنهما “شريكان دوليان رئيسيان” في جهود تخلي العالم عن النفط والغاز الروسيين والضغط على الرئيس فلاديمير بوتين بعد غزو موسكو لأوكرانيا.

لكن المحلل السياسي الإماراتي البارز عبد الخالق عبد الله قال إن على جونسون ألا يتوقع الكثير. وكتب على تويتر “سيعود بوريس بخفي حنين”.

ولم ترد الحكومة السعودية بعد على طلب من رويترز للتعليق على زيارتي المسؤولين الأميركيين والبريطانيين.

وفي الوقت الراهن، لم تظهر السعودية أي بوادر على التخلي عن الاتفاق بشأن الإمدادات بين منظمة أوبك وحلفائها، ومن بينها روسيا، والذي يقضي بأن يكتفي أوبك+ بزيادة الإنتاج تدريجيا.

لا آذان صاغية
في اجتماع أوبك+ الأخير في الثاني من مارس، أي بعد أقل من أسبوع من غزو روسيا لأوكرانيا وفي خضم تشديد الغرب لعقوباته على موسكو، تجنب الوزراء مناقشة قضية أوكرانيا في المحادثات ووافقوا على عجل على التمسك بسياسة الإنتاج الحالية.

في غضون ذلك، ألمحت الرياض إلى أنها تريد علاقات أقوى مع بكين من خلال دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارتها هذا العام. وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن السعودية تجري محادثات لتسعير بعض مبيعاتها من النفط للصين باليوان.

وقال مصدر مطلع “إذا فعلت السعودية ذلك، فإنها ستغير آليات سوق العملات حول العالم”، مضيفا أن مثل هذه الخطوة، التي قال المصدر إن بكين طلبتها منذ فترة طويلة والتي هددت بها الرياض عام 2018، قد تدفع مشترين آخرين لحذو حذوها.

وامتنعت وزارة الطاقة السعودية عن التعليق، بينما لم ترد شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط على طلب للتعليق.

وقال مصدر دبلوماسي إن الرياض تلجأ إلى “التهديدات القديمة” للرد على الغرب، على الرغم من أنه وآخرين يقولون إن أي تحول إلى اليوان سيواجه تحديات عملية نظرا لأن النفط الخام مسعر بالدولار وأن الريال السعودي نفسه مرتبط بالدولار كما أن اليوان لا يتمتع بنفس جاذبية الدولار كعملة احتياطي نقدي.

وقالت الباحثة المقيمة في معهد المشروع الأميركي لأبحاث السياسة العامة كارين يونغ إنها‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬”ستكون خطوة متهورة بالنظر إلى تسعير النفط العالمي بالدولار وربط العملة (السعودية به)، فضلا عن حجم الدين السعودي المسعّر بالدولار وأصولها الاحتياطية بالدولار وحيازاتها من الأسهم الأميركية”.

وأضافت “قد تكون هناك عقود باليوان بين السعودية والصين لكن ليس هناك إعادة توجيه للسياسة النقدية السعودية”.

وكان لدى البنك المركزي السعودي أصول قيمتها 492.8 مليار دولار في نهاية يناير، من بينها 119 مليار دولار في صورة سندات خزانة أميركية.

كما بلغت ديون الحكومة السعودية بالعملات الأجنبية، ومعظمها بالدولار، 101.1 مليار دولار في نهاية عام 2021 بينما يملك صندوق الثروة السيادية السعودي ما قيمته 56 مليار دولار من الأسهم الأميركية.

وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري مونيكا مالك إن السعودية يمكن أن تحول ببطء بعض المبيعات إلى اليوان، مشيرة إلى أن “التحول التدريجي سيكون له تأثير محدود”.

وحتى في الوقت الذي كان فيه مسؤولون أميركيون يعقدون محادثات في الرياض، قالت وزارة الخارجية الأميركية الثلاثاء إن واشنطن لم تخير حلفائها بين الولايات المتحدة والصين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى