الجريمة أسلوب يخالف قيم التسامح والسلام

د / ثريا بن رحو

ظاهرة الجريمة والإجرام عموما هي قديمة قدم الانسانية ،ولها دوافع متعددة نفسية واقتصادية وثقافية وسياسية .فالجريمة بشتى أنواعها هو أسلوب انحرافي يخالف قيم التسامح والسلام والامل في التطلع الى مستقبل او اوضاع جيدة ومناسبة لحياة اي انسان .فغياب الحقوق والعدالة والواجبات وغياب القيم الاجتماعية ساهمت بشكل كبير في تفاقم هذه المعضلة الاجتماعية التي أصبحت عائقا في تنمية المجتمعات بمختلف صورها.تستهدف الإنسان في إنسانيته، ولا يمكن الحد منها بدون مشروع مجتمعي يستهدف تغييرا جذريا يعتمد على الحق في تقرير المصير.
فالحد من الجريمة لا يرتكز فقط على دور الشرطة او اجهزة العدالة الجنائية الاخرى بل يجب ان يعتمد على وقاية سياسية فعالة تتضمن الاعتراف بالمسؤولية الشخصية والمجتمعية نحو الجريمة ومن هنا تعد الجريمة تعني كل المؤسسات وأفراد المجتمع وأصبح من الضروري ان يقف المجتمع كله في مواجهتها اذ ان لجمهور من المواطنين دور في غاية الاهمية في مواجهة الجريمة لا يقل أهمية من إجراءات الشرطة التقليدية.وعلى المجتمع ان يعي خطورة وضرورة اعتبار الوقاية من الجريمة هدف تكرس له الجهود وتنشأ له المنظمات والهيئات الكفيلة بتحقيقه وان توضع له الخطط الصحيحة والتي لا تقل اهمية عن الخطط الاجتماعية والاقتصادية للدولة. خاصة ان عدم الوقاية من الجريمة بشكل فعال ومجد يمكن ان يسفر عنه عرقلة وتعثر للتنمية بشتى اشكالها وإذا تم التعامل مع الجريمة كمشكل قومي فانه يتم ابتداع طرق وابتكار صور جديدة لمنع حدوثها.
ووفقا لهذا الاتجاه يجب اعادة النظر في أساليب تخطيط المدن والتصميمات المعمارية على نحو ان يصعب ارتكاب الجرائم او يقلل فرص ارتكابها كما يجب وضع كاميرات مراقبة في الشوارع العامة وامام المؤسسات التربوية لحماية ضحايا الجريمة.كما يجب العمل على اجراء تغييرات جذرية لمحاربة الجريمة الناتجة عن المشاكل الأسرية والعائلية كالثأر والمخدرات التي لم تفلح فيها العقوبات الشديدة والقسوى في القضاء بل يجب ان تكون لها حلول اجتماعية تعالج الجذور مع زرع قيم التسامح مع النفس ومع الاخر ومنع الأسباب و الظروف لارتكاب الجرائم .فالتغييرات تكون عن طريق مشاركة الجماهير والمؤسسات في تنمية المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وان تكون بذلك قناعة لجميع أفراد المجتمع ان جميع المشكلات حلها بيدهم وبمجهوداتهم السخصية.وان تهربهم من حلها وإلقائه على كاهل الحكومات انما هو هروب لن يحل المشكلات .وذلك بوضع أسلوب مبتكر وبديل تتناسب على ما طرأ في تغيير طرق ابتكار اساليب ومعدلات ارتكاب الجريمة في العصر الحديث.كما يجب الغاء الإقصاء والتهميش والبطالة والغلاء في المعيشة مع توفير مناصب الشغل للمواطن وملء وقته حتى يستطيع ان يحقق أحلامه ومبتغاه ويصبح خاءفاً على ان يضيع منه حلمه ويحافظ عليه اكثر فاكثر وينشغل به كل أوقاته وتصبح عنده مخططات السفر والترفيه عوض الجلوس في زوايا الشوارع يتتبع عورات الناس ويدخل في أمور قد تدمر حياته وحياة الآخرين.كما يجب التركيز في .دور القيم الاجتماعية في الوقاية من الجريمة وهي اهم المعايير التي تسهم بدرجة كبيرة في تقويم وبناء شخصية الفرد. ولها أهمية علمية في توجيه انظار الأسر والمؤسسات التعليمية لغرسها في نفوس النشء وذلك يحفظ المجتمع من الجريمة والظواهر السلبية.والحل ليس هو ملء السجون فا لسجن يجب ان يكون بمثابة مصحة تدرس الشخص نفسانيا ثم تدمجه اجتماعيا ثم تعطيه فرصة لكي يصحح اخطاءه. فالمسؤولية في ايجاد الحلول وانخراط الجميع في التوعية والاصلاحه بادخال أوراش الصناعة والحرف والأندية الرياضية وأقسام علاج الادمان داخل المدارس ومنع الطرد والفصل من المدارس واعادة النظر في تكوين القيم والأخلاق للمعلمين قبل تلقينها الى التلاميذ وتوجيه الأسر الضعيفة والهشة وفك العزلة عن المساجد وجعلها منابر ثقافية و علمية للحد من الجريمة التي هي في الاصل ظاهرة اجتماعية في كل الازمنة والمجتمعات .فرغم المقاربة الأمنية لن تفلح في القضاء على الجريمة ان لم تودع لها حلول جذرية لاستئصالها او التخفيف منها وإيجاد حلول مناسبة لكل الأسباب المؤدية لها فالبطالة وتوجيه الشباب وتكوينه وتردي التعليم وتخلي الأسرة عن التربية والولادات المتكررة هي الاساس يجب الانتباه لهم.
وخلاصة القول ان القيم الاجتماعية والحرص عليها وتقييم الحقوق والواجبات والكرامة والعدالة هي الطريق والامل الى مجتمع يعيش بسلم وسلام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى