الإبحار بين طارق وعيدروس والحوثي والتحالف وجروندبيرج وساندرز المآسي مستمرة ولكن تغيرت شرورنا ومصاعبنا خلال ١٠ سنوات

 

✍️ عبدالقادر الجنيد

الشيئ الذي لم يتغير خلال ١٠ سنوات هو استمرار أخطاءنا وخطايانا وزيادة مآسي الناس وآلام تدهور وسقوط اليمن.

الشيئ الذي تغير وحتى يستمر بالتغير أمام أعيننا هو من يحتل دور الشرير الكبير ومن يخدم الشرير بقصد أو بدون قصد وتعاظم دور الإمارات والسعودية وإيران وأمريكا في شؤوننا وشرورنا وخطايانا وتشكيل مستقبلنا.

أصبح الوضع اليمني غاية في التعقيد بحيث لا نستطيع أن نبحث أي شيئ بدون أن يرد عليك صديقك وحليفك بشيئ لا علاقة له بالموضوع قيد البحث وقد تنتهي المناقشة بخصام وعداء يخدم من يحتل لقب الشرير الأكبر ذلك اليوم.

موضوع اليوم، هو فصل خيوط تشابك التعقيدات لكي نستطيع أن نتكلم عن كل موضوع على حدة ونتعلم سويا كيف ومتى نفصلهما عن موضوع آخر ومتى نشبكهما.

**
أولا: قبل ١٠ سنوات
**

كانت المشكلة واضحة:
١- فشل في الحكم الرشيد واللعب بالدستور.
٢- فشل نمو اقتصادي وبروز كليبتوقراطي (حكم السرق) وانهيار طبقة متوسطة.
٣- عسكرتاريا قبلية تستند على عصبيات مناطقية.

… فهاجت البلاد وقلبت أعاليها سافلها وغاصت اليمن درجة أسفل في المستنقع.
وهكذا انتهى حكم الرئيس صالح.
ولم يتم حل مشكلتنا في نظام الحكم ولا في الاقتصاد ولا في العصبيات.

“هل نستطيع أن نفتح موضوع فشل عهد صالح والثورة عليه بدون شبكه مع موضوع آخر، ينتهي بأن نتخاصم ونتوه ونضيع؟”

**
ثانيا: الحوثي يستولي على اليمن
**

١- ورث الحوثي الرئيس صالح بعد أن تحالف معه ثم قتله وأعاد اليمن مئات السنين إلى الوراء.
٢- يستند الحوثي محليا على ٣ عصبيات شمالية فتاكة نجح في تأليبها وتحريضها على اليمن، وهي السلالية الشمالية والقبلية الشمالية والمناطقية الشمالية.
٣- يستند الحوثي خارجيا على إيران التي أثبتت أنها قوة فتاكة وقد نجحت بالاستيلاء على ٤ دول عربية بالرغم من مقاومة السعودية وأمريكا لهذا التغول والتوسع الإيراني.

تهور الحوثي وطموحه الطائفي والمناطقي واستناده على المد الإيراني الامبراطوري الشيعي الصاعد وردود الفعل اليمنية والسعودية على كل هذا، دمر البلاد وغطسها في مستنقعات قديمة وأخرى جديدة.

“هل نستطيع أن نفتح موضوع تهديد وشرور الحوثي وإيران بدون شبكه مع موضوع آخر، ينتهي بأن نتخاصم ونتوه ونضيع؟”

**
ثالثا: السعودية والشرعية
**

١- السعودية، هي التي خلقت الشرعية اليمنية.
الشرعية، هي ربيبة السعودية.
واضح من صياغة هاتين الجملتين أن هذا شيئ غير طبيعي ويصعب الاستماتة بالدفاع عنه.
لكن تحطيم هذا الوضع، يعني انتصارا نهائيا للحوثي وإيران.

٢- الشرعية اليمنية، المدعومة من السعودية، هم خلطة من رجال الرئيس صالح ومن القوى والأحزاب التي ثارت وهاجت على الرئيس صالح بدون بيروقراطية ومعسكرات ومخابرات وقاعدة بيانات نظام الحكم الذي سيَّر اليمن لمدة ٣٣ سنة.
وهذا يجعل من الشرعية مجرد صور بلاغية وأصوات زاعقة بدون أدوات وبدون قدرات.

٣- فشلت السعودية والشرعية على مدى ٨ سنين في التصدي للحوثي وإيران.

٤- السعودية والشرعية، تتبادلان الإتهامات بسبب الفشل والهزيمة في حرب اليمن.

٥- السعودية، تتعرض لضغوط أمريكية في كل محطة تنتهي بنكبة للشرعية وامتيازات للحوثي وإيران كما حدث في مهازل اتفاقية ستوكهولم في ٢٠١٧ وهدنة جروندبيرج في الشهر الماضي.

٥- السعودية، تعدِّل وتبدِّل في الشرعية.
*
معنا الآن الرئيس رشاد العليمي، وهو صبور وقيادي ودؤوب ومحنك ولكنه لن ينجح إلا بدعم كامل من السعودية والإمارات لشخصه وللشرعية الجديدة.

ومعنا قيادة جماعية من ٧ أعضاء مجلس رئاسي أصدقاء أعداء، ولن يتوافقوا ولن نسلم من صراعهم إلا بتأثير القاسم المشترك بينهم أي السعودية والإمارات وليس اليمن.

أساس الوضع الجديد للشرعية في ٧ ابريل ٢٠٢٢، هو نفس خلطة رجال عهد صالح البارزين.

وهناك إحلال طارق صالح بدلا من علي محسن.
إذا استطاع طارق صالح تخفيف إسناد العصبيتين الشماليتين- المناطقية والقبلية- للحوثي أفضل من علي محسن، فهذا أمر جيد.
وإذا استطاع طارق صالح، معادلة تأثير عيدروس الزبيدي على الإمارات ومسألة الانفصال واستقرار عدن، فهذا أمر جيد.

وهناك ترفيع عيدروس الزبيدي بدلا من الرئيس هادي.
وهذه عملية بها وقيد وجمر تحت الرماد يجب الالتفات إليها بصبر وحكمة رشاد العليمي ونفوذ السعودية والإمارات حتى لا نصطبح ذات يوم على أخبار تحولها إلى اشتعال ولهيب.

وهناك من سيقول بأن حزب الإصلاح قد فقد بعض النفوذ وهذا مطلب سعودي إماراتي دائم.

ومن سيقول أن هناك دغدغة لمشروع انفصال الجنوب.

ومن سيقول بأن نفوذ الإمارات قد زاد بحصولها على ٣ أعضاء في مجلس الرئاسة وربما أكثر.

تناقضات مجلس رئاسي من ٨ أعضاء، هي بلا عدد، ويستطيع من يريد أن يقول أي شيئ أن يجد ما يقوله.

٦- من يؤيد مفهوم الشرعية يجب أن يؤيد رئيسها.
أنا كنت أؤيد الرئيس هادي .
والآن، أؤيد الرئيس رشاد العليمي.
واحتفظ بحقي بانتقادهما عندما يستوجب الأمر ذلك ولكني أبدا لن أسعى لتحطيم مفهوم الشرعية ورئاسة الشرعية حتى لو كانت ربيبة للسعودية.
أذية الشرعية ورئيسها، هو هدية لإيران والحوثي.
أذية تحالفنا مع السعودية، هو هدية للحوثي وإيران.
تصحيح علاقة السعودية والشرعية، هو واجب علينا.
السعودية، لن تترك اليمن حتى لو أرادت.

انعتاق اليمن من عباءة السعودية، موضوع طويل ويحتاج لعشرات السنين من الاستقرار وتأمين مصالح البلدين كما حدث بين ألمانيا وأمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.

“هل نستطيع أن نفتح موضوع الشرعية والسعودية بدون شبكه مع موضوع آخر، ينتهي بأن نتخاصم ونتوه ونضيع؟”

**
رابعا: أمريكا ساندرز وبايدن
**

أمريكا، ضالعة بالشأن اليمني أكثر بكثير مما يبدو.
وأمريكا، تغيرت مواقفها بشأن اليمن عشرات المرات خلال العشر السنوات الماضية.

١- أمريكا، أيدت الرئيس صالح أثناء اعتصامات الساحات في ٢٠١١.
كانت قد سلحته ب٤٠٠ مليون دولار في فرق وتشكيلات وقوات تحت قيادة إبنه أحمد وعيال أخيه يحي وعمار وطارق ومحمد تحت مسمى مكافحة الإرهاب.

٢- أمريكا، هي التي أجبرت الرئيس صالح على التنحي في ٢٠١٢ عندما استوعبت أن ضرره أصبح أكثر من نفعه.

٣- أمريكا، نجحت في أكبر جائزة حصلنا عليها من هذه الاضطرابات وهي مخرجات الحوار الوطني والدستور.

٤- أمريكا، هي التي تسببت في نكستنا عندما انسحب الرئيس الأمريكي أوباما من اليمن فخلق فراغا أدى لانقلاب الحوثي وصالح في ٢٠١٤ ثم استيلاء الحوثي على صنعاء ودخول إيران لليمن.

٥- أمريكا، بالرئيس أوباما نفسه كانت تؤيد وتسند عاصفة الحزم بقيادة السعودية وبداية حرب اليمن في ٢٠١٥.

٦- أمريكا، بالرئيس ترامب كانت تؤيد السعودية بالكلام ولكن لم تحمها بعد ضربة إيران المدوية بالصواريخ والمسيرات لمنشآت آرامكو النفطية في البقيق وخريص.
وهذا أدى إلى تغيير جذري في تناول السعودية لحرب اليمن وعلاقتها مع إيران وحتى مع أمريكا نفسها.

٧- أمريكا ساندرز وبايدن
ثم جاء بيرني ساندرز وقلب أمريكا على السعودية واليمن.

الليبرالية الأمريكية، هي من تسير السياسة الخارجية الأمريكية الحالية نحو السعودية وبالتالي نحو الشرعية اليمنية ونحو الحوثيين ونحو النفوذ الإيراني في اليمن.

وهذا هو الذي أدى لهدنة جروندبيرج ولإدخال شحنات النفط الإيرانية المجانية بمئات الملايين من الدولارات للحوثي.

“هل نستطيع أن نفتح موضوع أمريكا وتذبذبها مع السعودية الشرعية والحوثية كل على حدة وبدون شبكه مع موضوع آخر، ينتهي بأن نتخاصم ونتوه ونضيع؟”

عبدالقادر الجنيد
٣١ مايو ٢٠٢٢

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى