استقبال غالي.. بداية أزمة مرشحة للتصعيد بين المغرب وتونس

 

نيويورك – عين اليمن الحر – واشنطن الحرة

أثار استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيد، الجمعة، زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، أزمة جديدة بين تونس والمغرب، يرى مراقبون أنها ستشهد تطورات أخرى قد تصل إلى قطع العلاقات بين البلدين.

واتخذت تونس في السابق موقف الحياد من قضية الصحراء الغربية حفاظا على علاقاتها مع الجزائر والمغرب. لكن، في تطور جديد خصص الرئيس التونسي استقبالا رسميا لزعيم البوليساريو الذي وصل تونس، الجمعة، للمشاركة في قمة طوكيو للتنمية في إفريقيا “تيكاد 8″، يومي 27 و28 أغسطس الجاري.
“تصرف خطير”
وسارعت الرباط إلى سحب سفيرها في تونس، حسن طارق، للتشاور، وأعلنت مقاطعتها للقمة الأفريقية اليابانية، بحسب بيان لوزارة الخارجية المغربية.
وقالت الخارجية المغربية في بيانها، الجمعة، “إنه بعد عمل تونس على مضاعفة المواقف والأفعال السلبية المستهدفة للمملكة المغربية ومصالحها العليا، فإن تصرف تونس في إطار “تيكاد” يؤكد هذا النهج بوضوح”.
وردت تونس بخطوة مماثلة على المغرب، وأعلنت، في وقت متأخر السبت، سحب سفيرها من الرباط للتشاور، معربة عن استغرابها “الشديد ممّا ورد في بيان المملكة المغربية من تحامل غير مقبول على الجمهورية التونسية”.
وقالت “وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج” إن تونس “حافظت على حيادها التام في قضية الصحراء الغربية التزاما بالشرعية الدولية، وهو موقف ثابت لن يتغير إلى أن تجد الأطراف المعنية حلاّ سلميا يرتضيه الجميع”.
وقالت وزارة الخارجية التونسية إنها ترفض “رفضا قاطعا ما تضمنه البيان المغربي من عبارات تتهم بلادنا باتخاذ موقف عدواني تجاه المغرب ويضر بالمصالح المغربية”، مبررة مشاركة زعيم الجبهة بالالتزام بقرارت الاتحاد الأفريقي.

الإعلامي التونسي الباحث في الشأن الأفريقي، عائد عميرة، يرى في حديث لموقع “الحرة” أن “ما حصل اليوم، يعد سابقة خطيرة في تاريخ الدبلوماسية التونسية”، وأشار إلى أن “تونس  دائما ما كانت تعتمد مبدأ الحياد تجاه قضية الصحراء الغربية، لكن سعيد اليوم شذّ عن القاعدة واختار الاصطفاف إلى جانب البوليساريو على حساب المغرب، ذلك أن استدعاء إبراهيم غالي واستقباله بشكل رسمي من طرف سعيد يعد اعترافا ضمنيا بما يسمى جبهة البوليساريو”.
واتهمت الخارجية المغربية في بيانها تونس بالعمل على “معاكسة رأي اليابان، بخرق مسار التحضير للمنتدى والقواعد الموضوعة لذلك، وقررت بشكل أحادي دعوة الكيان الانفصالي”.
وأضاف البيان أن “الاستقبال الذي خصصه رئيس تونس لقائد الانفصاليين هو فعل خطير غير مسبوق؛ يؤذي كثيرا مشاعر الشعب المغربي وقواه الحية”.
ويقول الإعلامي عائد عميرة في لموقع “الحرة” إن “ما قام به سعيد سيؤثر سلبا على طبيعة العلاقات مع المغرب، وقد رأينا تداعيات ذلك باستدعاء الرباط لسفيرها بتونس للتشاور، وهناك إمكانية تصعيد للموقف المغربي إن لم تصل الرباط التوضيحات اللازمة من قبل تونس”.
ويتوقع عميرة أن يطلب المغرب من تونس كما طلب من إسبانيا من قبل تحديد موقفها من قضية الصحراء والإعلان عن ذلك بشكل رسمي وصريح وهو ما لن تستجيب له تونس”، ما سيؤدي لإمكانية سحب السفير المغربي من تونس في مرحلة أولى ثم قطع العلاقات من جانب المغرب”.
أما المحلل المغربي، رشيد لزرق، أستاذ العلوم الدستورية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، فيرجح، في حديث لموقع “الحرة”، أن يلجأ المغرب لـ”طرد السفير التونسي وقطع العلاقات الدبلوماسية”.
جدل في تونس
وأثارت هذه الزيارة جدلا في تونس بشأن الموقف الرسمي التونسي من جبهة البوليساريو. واعتبرها متابعون خطوة دبلوماسية خطيرة ستكون لها عواقب سلبية على العلاقات التونسية المغربية.
وانتقد الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي على صفحته في فايسبوك الرئيس سعيد، قائلا: “بعد تدميره لمؤسسات الدولة التونسية و تعطيله  لمسار الانتقال الديمقراطي و اغتصابه لكل السلطات يتجه  الآن نحو تدمير علاقاتنا مع الدول الشقيقة و الصديقة و الإضرار بمصالحنا الديبلوماسية والاقتصادية التي تربطنا بها”، وفق نص التدوينة.
وغابت صور الاستقبال عن الصفحة الرسمية للرائسة التونسية على فيسبوك، فيما تناقلتها وسائل الإعلام التونسية ووكالة الأنباء الصحراوية التابعة لجبهة البوليساريو.
هل من دور للجزائر ؟
ويرى مراقبون أن استقبال زعيم البوليساريو في تونس يأتي على خلفية التقارب الذي حصل بين الجزائر وتونس مؤخرا، إذ أعادت السلطات التونسية والجزائرية فتح الحدود البرية بينهما منتصف شهر يوليو الماضي، بعد إغلاقها أكثر من عامين بسبب انتشار وباء كوفيد-19، وبدأ عبور المسافرين من الجهتين بوتيرة عادية.
ويتهم رشيد لزرق في حديثه للحرة تونس بأنها “تحولت من دولة الأدوار إلى حديقة خلفية و باتت ملعبا لعسكر الجزائر، حتى القذافي (الزعيم الليبي الراحل)  الذي كان داعما قويا لم يجرؤ على مثل هذا الفعل”، بحسب تعبيره.
بدوره يقول الإعلامي التونسي، عائد عميرة، إن “المغرب يعتبر الصحراء الغربية قضيته الوطنية الأولى وهي المحدد لمواقفه الدبلوماسية لذلك سنرى تصعيدا كبيرا تجاه تونس”.
ويضيف أن “تونس الخاسر الوحيد مما حصل اليوم،  إذ لن تستفيد من زيارة غالي واستقباله رسميا بالعكس ستتوتر العلاقات مع المغرب، والجزائر هي الرابح الوحيد مما حصل”.
واحتفت جبهة البوليساريو بالاستقبال الذي خصص لزعيمها في تونس، وكتب ممثلها في أوروبا، أبي بشرايا البشير، في تغريدة على تويتر إن قمة تونس “تؤكد واقع الجمهورية الصحراوية عضوا مؤسسا وفاعلا في الاتحاد الأفريقي”.

وتنعقد القمة الأفريقية اليابانية السبت والأحد في تونس، وتهدف “ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا” (تيكاد 8) رسميا إلى “مناقشة كيفية إنشاء عالم مستدام معا” في “السياق المعقد لوباء كوفيد والوضع في أوكرانيا”.
ويُنتظر أن يصل عدد المشاركين في الندوة إلى حوالي 5000 شخص في الفترة بين التقاط الصورة الافتتاحية والمؤتمر الصحفي الختامي ظهر الأحد، بما في ذلك نحو 30 رئيس دولة وحكومة من أنحاء القارة الإفريقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى