كن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك محمودهُ عن النسب

 

بقلم : الأديب الكويتي / عبدالله خلف التيلجي

هذا البيت ينسبِ الى الامام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.. فكثير من الناس يتفاخرون بالانساب، شعراً ونثراً حتى وصلت الامور الى التقاتل والفتن.. بينما العلم هو النسب، وهو الانتماء ومجال التفاخر أياً كان مجال هذا التفوق العلمي حيث العلم دائما يقود الحضارة والتفاخر بالانساب لايفيد صاحبه ان لم يكن مقروناً بعلم وعمل.. هذه دول الغرب يبنى اقتصادها بنتاج عقول أهل العلم من الابتكارات والاختراعات، فالمتفوقون علمياً يغنون أنفسهم ويغنون دولهم ويساهمون في رفع الدخل القومي – وكل ابتكار فردي قد يزيد مدخوله عن مدخول دولة نفطية كبرى، هكذا بالعلوم تقدمت دول وسارت في الركب الحضاري.
اما الاموال المستخرجة دون الجهد والتفوق العلمي فتذهب هباءً منثورا..
هناك قصة قد تكون مألوفة، وهي طريفة سواء كانت من نسيج الخيال أو من أرض الواقع تقول احداثها ان احد الولاة منع الناس من التجول في الطرقات في الاوقات المتأخرة من الليل لعدم ازعاج الناس وحفاظاً على الامن.
وفي ليلة قبضت الشرطة على شابين يتجولان فأُخذا الى السلطان.. فسأل احدهما من يكون ومن هو والده.. فقال له:
ترى الناس من أفواجاً على باب داره
فمنهم قيام حولها وقعود
فقال الوالي:
ما كان أبو هذا إلاّ رجلاً كريما مضيافا لاتنطفئ ناره يقرى الأضياف.. وسأل الثاني من تكون؟
فقال:
أنا ابن من ذلت الرقاب له
مابين مخزومها وهاشمها
خاضعة أذعنت لطاعته
يأخذ من مالها ومن دمها

فقال الوالي: ما كان ابوه إلا شجاعاً مقداماً. ثم خلى سبيلهما فلما انصرفا قيل للوالي: أما الاول فكان أبوه فوالاً، وأما الثاني فكان أبوه حجَّاماً، فقال الوالي:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً…
يعني بذلك أن مهنة الوالد مهما حقرت لا يعاب بها الولد إذا كان أدبياً متعلما.
ومما يذكر في هذا الباب قول عتبة الاعور يهجو كاتب المهدي وكان أبوه حجاما، فهو يقول:
أبوك أدهى النجاد عاتقه
كم من كمىِ أودى ومن بطلِ
يأخذ من ماله ومن دمه
لم يمسِ من ناره على وجل
له رقاب الملوك خاضعة
مابين حاف وبين منتعل

والمتنبي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس قيلت عنه هذه العبارة:
(مالئ الدنيا وشاغل الناس) لم يجد خصومه مرمى يرمونه في ادبه وحكمه واقواله السديدة غير تهجمهم على أبيه الذي كان شقَّاءً… وهي مهنة شريفة لا تزي بأهله وذويه.

– نقلا من موقع الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى