حرب اسرائيل على غزة- نتانياهو فرحة ما اكتملت ولكن ماذا بعد!

 

أ د / دخان النجار

يجب اخذ تصريحات نتانياهو بشان شرق اوسط جديد بمحمل الجد لانه بذلك لا يعبر عن رغبة إسرائيل منفرده بل رغبة الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الناتو وبعض الحكام العرب وهو مشروع طال انتظاره ويقصد به في ظاهره دمج اسرائيل في محيطها العربي والإسلامي والاستفادة من تفوقها العلمي والتقني ومن المال العربي في عملية التنمية في المنطقة وفي الجانب السياسي والعسكري تأسيس حلف ناتو شرق أوسطي لمواجهة ايران وأذرعها في المنطقة تكون هي مركزه وفي باطنه فرض قيادتها وتفوقها على هذا المحيط.
النشوة الاسرائيلية بعد ما حققته ضرباتها في لبنان وتدمير غزة وصلت ذروتها ونتانياهو حقق هدفه باشعال المنطقة باستفزاز ايران وجرها الى المواجهة وايضًا اقحام الولايات المتحدة في تأييد مخططه هذا . اغتيال امين عام حزب الله ومعه مساعد قائد الحرس الثوري الايراني ومن قبل ذلك اغتيال قائد حركة حماس في طهران لم يترك خيار لدى ايران غير الرد والردع ولو ان قيادتها كانت تتجنب الرد كي لا تُعطي لنتنياهو مبتغاه في تفجير حرب شاملة تكون ايران وقدراتها ومنشآتها الاقتصادية والعسكرية وبرنامجها النووي هي الهدف الاستراتيجي لهذه الحرب والتي سوف تُجر اليها الولايات المتحدة الأمريكية بدون شك. وكان لدى ايران إيحاء أمريكي وغربي بلجم تهور نتانياهو في اشعال الحرب الشاملة التي قد تمسها اذ هي تحفظت في الرد لكن الأخير لديه الرغبة في توسيع عملياته واعادة ترتيب أوراق المنطقة الأمر الذي دفعها إلى مهاجمة اسرائيل بمئات الصواريخ الباليستية والفرط صوتية ليلة البارحة ووصل معظمها الى اسرائيل مخترقة كل منظومات الدفاعات الجوية الإسرائيلية ولكن على ما يبدو انها كانت ضربه تحذيرية لم تصيب منشآت حساسة لعلها تدفع بنتانياهو للتخلي عن توسيع رقعة المعركة واحراق المنطقة . الجيش الامريكي يصرح بانه أطلق عشرة صواريخ اعتراضية الامر الذي لا يمكن تفسيره غير ان الولايات المتحدة تبدي امتعاضها ولو بشكل مبطن من تهور نتانياهو في هذا الوقت بالذات في أوج الحملة الانتخابية الأمريكية لكنها بالتاكيد في نهاية المطاف ان نجح في اشعال الحرب الشاملة فسوف تخوضها بكل تاكيد. إسرائيل لن تصمت على ضربة البارحة وسوف ترد لكن كيف سيكون الرد هل سيكون ردا محدودا يحفظ ماء وجه نتنياهو ام ردا قاسيا يشعل الحرب الشاملة مع ايران وحلفائها في المنطقة؟ وهل ايران ستكتفي بهذا الهجوم الرادع الرمزي لما اقترفته اسرائيل من قبل وتصمت عن هجوم اسرائيلي اشمل يمس أراضيها ؟ لا اعتقد ذلك و في رايي الشخصي ان نتانياهو قد اصبح قاب قوسين او ادنى من تحقيق هدفه في اشعال المنطقة وان تم افشال مخططه هذا او تأجيله إلى حين فستكون معجزة القرن .
في حالة توجيه ضربه اسرائيلة إلى ايران لابد لطيرانها الحربي من ان يمر بأجواء عربية وبالذات اجواء المملكة العربية السعودية وهنا ايران قد حذرت اي طرف ثالث من المشاركة باي مستوى وهي رسالة بان تلك الأطراف ستصبح هدفا مشروعا لضرباتها وهذا يعني ان نطاق المعركة الاقليمي سيكون مؤلماً للمنطقة والعالم.
النشوة التي ظهر بها نتانياهو بعد اغتياله للامين العام لحزب الله ومساعد قائد الحرس الثوري الايراني ومن قبلهم هنية وقادة الرضوان وغيرهم والضرب المبرح في لبنان بدأت تنخفض وتيرتها مع هذه الضربة الإيرانية وكذلك خسارته في اول معركة التحام في جنوب لبنان مع قوات حزب الله المتخندقة تحت الارض وفي الأحراش حيث تشير التقارير اليوم الاربعا بان محاولات اقتحام البلدات اللبنانية الحدودية كانت كارثة على الجنود الاسرائيليين الذين قتل واصيب العديد منهم لا زالت المروحيات تنقلهم إلى مختلف المستشفيات في البلاد واكثر من ذلك ان حزب الله وجه ضربات صاروخية متتالية إلى شمال إسرائيل وهو الأمر الذي يدل على تعافي قيادته العملياتية ونجاح تكتيكه في جر إسرائيل إلى حرب استنزاف لا تتحملها لفترة طويله.
لكن في المقابل هل نتانياهو وحكومته المتطرفة على استعداد للتراجع إلى الخلف والتخلي عما أعلنه من اهداف ؟ لا اعتقد ذلك ومن المؤكد بانه سوف يشدد ضرباته في غزة وفي لبنان وفي اليمن وفي سوريا وربما العراق لانه لا يمتلك خيار آخر غير توسيع نطاق الحرب والتدمير وإشراك اطراف اخرى فيها تحارب إلى جانبه او نيابة عنه وبالذات الولايات المتحدة الأمريكية الضامن لأمن اسرائيل وتفوقها وهو من وضع نفسه امام هذا الخيار ولا زال يراه طوق النجاة بالنسبة له . اطراف محور الممانعة المتحالفة مع ايران سوف تستمر في مشاركتها في المعركة المصيرية التي تخوضها جنبا الى جنب وبمستويات مختلفة
لان هذا خيارها الوحيد بغض النظر عن نتائجها.
الحرب بين اسرائيل وايران دخلت مرحلة كسر العظام وسوف تزداد نارها اشتعالا وآفاقها مفتوحة على كل الاحتمالات ولن تكون نزهة لاي من اطرافها ونسال الله ان يكتب السلامة لشعوب المنطقة والعالم.
د.دحان النجار القاهرة ٢ اكتوبر ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى