حرب إسرائيل على غزة ولبنان-غزة عودة إلى الواجهة

أ د / دحان النجار

وضعت الحرب أوزارها جزئيا الى اليوم في جنوب لبنان لكنها محتدمة في قطاع غزة وكانت الحرب في جنوب لبنان قد جذبت الانتباه العالمي كثيرا وسحبت تسليط الأضواء عما يدور في القطاع من استمرار للتدمير والتجويع والتشريد الممنهج. ولا شك بان مثلها في جنوب لبنان حيثما نضجت الظروف للسعي لتحقيق وقف إطلاق النار بعد فشل فرض الحلول من طرف واحد وزيادة المعاناة لسكان الجنوب اللبناني والشمال الاسرائيلي والنشوة النسبية لنتنياهو بتحقيق تفوق على حزب الله وفرض شروط وقف إطلاق نار لصالحه ، في غزة ايضًا مهما طالت الحرب في وضع غير متكافىء إلا ان المقاومة مستمرة والجيش الاسرائيلي غير قادر على حسم المعركة نهائيا لكنه حقق تفوق ميداني وقضية الإسراء والمختطفين لم تحل بعد والشارع الاسرائيلي بدأ العودة للضغط بشأنها والإدارة الأمريكية الديمقراطية المُغادرة للبيت الأبيض قريبا الذي كان احد اسباب مُغادرتها له سؤ ادارتها للحرب في غزة تريد ان تسجل بعضا من اعادة الاعتبار لموقفها بشأنها إستعدادا للانتخابات القادمة. أضف إلى ذلك رغبة ادارة بايدن في تسوية هذا الملف بأي شكل من الأشكال إن امكن او تحقيق تقدم فيه قبل دخولها البيت الأبيض وتحميل المسؤلية للديمقراطيين .

ايضًا قرارات محكمة الجنايات الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وجالانت واحتمال صدور أوامر قبض أخرى بحق مسؤولين عسكريين ومدنيين اسرائيليين اخرين قد اثر على تليين بعض الواقف الإسرائيلية تجاه الحل المحتمل لوقف الحرب في قطاع غزة الذي تضغط ادارة بايدن من اجله قبل مغادرتها البيت الأبيض.
من المحتمل ان يعود تركيز الحراك الجماهيري في مختلف بلدان العالم الداعم لوقف الابادة الجماعية في قطاع غزة وبالذات في امريكاء واوروبا وهو الامر الذي يقلق إسرائيل والحكومات الغربية .
الاتفاق على وقف اطلاق النار في الجنوب اللبناني دون ربطه بوقف اطلاق نار مماثل في غزة كما كان يريد حزب الله قبل الهجوم العسكري الاسرائيلي المباشر عليه اي ربط المسارين هو عامل آخر في صالح اسرائيل لفرض شروط اكثر ملائمة لها في قطاع غزة ان تمت الموافقة على وقف اطلاق نار فيه.
جبهات الإسناد في محور المقاومة بما فيها مركز قيادتها في ايران لم تحقق تاثير قوي اثناء انطلاق واستمرار الهجوم الشامل على حزب الله كما كان متوقع منها وبالتالي لن تقوم بما هو افضل للضغط لصالح المقاومة في قطاع غزة وهذا عامل آخر سوف يساعد على تليين موقف إسرائيل وحماس تجاه مقترح حل محتمل لوقف إطلاق النار. وربما تكون هناك تفاهمات سرية بين ايران والولايات المتحدة باي شكل من الأشكال على خفض حدة التوتر مقابل حلول توافقية في جنوب لبنان وغزة لوقف هذه الحرب التي طالت بشكل لا يحتمل اكثر من الفترة التي مرت بها إلى الآن واستنفذت كثير من الامكانيات العسكرية والاقتصادية والأخلاقية للطرفين ولابد من وضع حد لها ولو مؤقت استعدادا لجولات قادمة الصراع بعناوين وأدوات اخرى.
كما كان وقف اطلاق النار في جنوب لبنان سبب لزيادة الضغط الداخلي على حزب الله في تغيير مواقفه تجاه سلطات الدولة في الجنوب وتسليحه وتواجده العسكري جنوب الليطاني وتجاه انتخاب رئيس جمهورية وغير ذلك من القضايا الداخلية فإن وقفها ايضا انعكس على الداخل الاسرائيلي بعد عن عجز نتنياهو عن تدمير حزب الله وإخراجه من المعادلة السياسية والعسكرية نهائيا واعادة ترتيب الشرق الأوسط امنيا حسب هواه وتامين شمال دولته وعودة النازحين منها بشروط افضل والتململ داخل جيشه من مغامرات حربية غير منتهية صعب الاستمرار فيها دون افق حل وفشله في استعادة المختطفين والاسرى في القطاع كل ذلك يرفع من رصيد المعارضة الداخلية ضده المعتدل منها والمتشدد تجعله يقترب اكثر من تحقيق صيغةً ما لوقف القتال في غزة التي حقق فيها مكاسب ملموسة في التدمير والسيطرة تقود إلى خفظ مستوى شروط حماس لوقف القتال.
الادارة الأمريكية الحالية بدأت الكلام من جديد عن حل الدولتين وهي الآن متحررة من قيود كسب الانتخابات عن طريق خضوعها للوبي الصهيوني في البلاد ومن اجل استعادة رصيد الحزب الديمقراطي جماهيريا الذي خسرته بسبب موقفها الداعم لحرب اسرائيل على غزة وما صاحبها من أعمال ابادة جماعية وتدمير وتجويع ممنهجة لديها الآن فرصة سانحة للضغط على إسرائيل للقبول بحل مقبول للقضية الفلسطينية ولو ادى ذلك إلى استصدار قرار من مجلس الامن الدولي بهذا الشأن وهو التخوف الذي عبر عنه وزير المالية الإسرائيلي المتشدد سموتريتش اليوم عن قناة الجزيرة الإخبارية بان إسرائيل حصلت على وعد أمريكي بعدم صدور قرار من مجلس الامن الدولي بهذا الخصوص وهي اشارة واضحة إلى التداولات من وراء الكواليس حول قرار من هذا القبيل.
والخلاصة ان وضعا جديدا في غزة وحول القضية الفلسطينية بداء يتولد فإما ان يكون هناك حلا مقبولا ولو بالحد الادنى من الشروط والتأسيس لسلام شبه دائم في فلسطين او انتصار الخط المتشدد في إسرائيل الداعي إلى ضم القطاع والضفة الغربية وانهاء الملف الفلسطيني من وجهة نظر اسرائيليلية وهو الاكثر احتمال عند وصول ادارة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير القادم لكن ذلك لن يقود إلى نهاية النضال الفلسطيني من اجل تحقيق اهدافه في قيام الدولة المستقلة قصر الزمن ام طال فلا يضيع حق ورائه مطالب حتى وان خذله الاشقاء ولأصدقاء قبل الاعداء.
د.دحان النجار القاهرة ٢٠٢٤/١١/٢٩

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى