حرب إسرائيل على غزة-نتانياهو اشعل جبهة الشمال فهل يحقق اهدافه؟
أ د / دحان النجار
بدأت حرب الشمال وكما كان متوقعا لها بان تكون حربا بالضربات الجوية المؤلمة وبإلحاق اكبر ضرر مادي وبشري بحاضنة حزب الله المدنية بالتحديد .
إسرئيل دمرت غزة بالكامل وارتكبت مذابح جماعية بحق المدنيين سواء كانوا في منازلهم او في مدارس الأونروا او في مخيمات اللجؤ الجديدة او في المناطق الآمنة التي حددتها القوات الاسرائيلية نفسها لهم كل ذلك بحجة ان لديها معلومات عن تواجد مقاتلين في أوساطهم.
وواضح ان إسرائيل تستنسخ نفس السياسة في لبنان وان القوات الجوية الاسرائيلية تضرب التجمعات المدنية وتلحق بالمدنيين خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات .
نتانياهو تكلم بان الهدف من الحرب على لبنان هو اعادة النازحين إلى مدنهم وقراهم ومستوطناتهم في الشمال وكذلك دفع حزب الله لفك ارتباطه بالمعركة بقطاع غزة.
تشريد مئات الالاف من اللبنانيين من الجنوب ربما يقصد به نتانياهو التشريد المتبادل ومستقبلا العودة المتبادلة.ومن الواضح ان اسرائيل سوف تشدد ضرباتها على لبنان وسوف تستهدف احياء ومدن كاملة بالتدمير الممنهج وقتل المزيد من المدنيين بحجة الردع وتغلغل المقاتلين في الاحياء المدنية وما نشر الجيش الاسرائيلي قبل يومين لمجسم لاحد المنازل التي يقوم حزب الله باطلاق الصواريخ منها إلا دليل دامغ على تبرير قصفة للأحياء والقرى والمدن المأهولة بالسكان .
ومن الواضح ان حزب الله لن يقبل بفصل معركته عن معركة غزة وان عودة سكان شمال إسرائيل مرهون بوقف الحرب على غزه. والحزب لا زال يبدي تماسك في تكتيكاته العسكرية بالرغم من الضربات التي لحقت به في الفترة الأخيرة المتمثلة بالاغتيالات وتفجير البيجرات. لا زالت ضرباته هادفة وغير عشوائية ويبدو انه لايريد اعطاء نتانياهو الفرصة في اشعال الاقليم كله وإشراك حلفائه بالحرب نيابة عنه لكنه في نفس الوقت يوجه ضرباته الدقيقة والمستهدفة لمقرات عسكرية وأمنية في عمق اسرائيل يرسل رسائل واضحة بان وسائل الردع لديه لا زالت فعالة وانه إلى الان لم يستهدف المدنيين فيها ردا على استهدافها للمدنيين في لبنان وانه قادر على ضرب العمق الإسرائيلي متى ما اراد .
إذا من المتوقع ان يصعد حزب الله ضرباته النوعية إلى العمق الإسرائيلي وكذلك من المتوقع ان تزداد مشاركة فصائل محور المقاومة في ضرب إسرائيل في الايام القادمة من اجل تخفيف الضغط عليه.
إسرائيل سوف تصعد من ضرباتها مستغلة تفوقها الجوي وهي بذلك تستطيع تدمير الاهداف المدنية وبعض مواقع قوات حزب الله ولكن من الصعب ان تصل إلى الانفاق والقواعد العسكرية ومخازن السلاح تحت الارض والتي تم بنائها بمقاييس فنية تمنع وصول القنابل الاختراقية اليها.
الحرب في لبنان ضد حزب الله تختلف عن الحرب في غزة المحاصرة من كل الجهات والمحدودة المساحة حيث ان حزب الله لدية خلفية آمنه للإسناد وتلقي الدعم ومعالجة الجرحي ولديه نطاق جغرافي أوسع للحركة والمناورة ومن الصعب ان تقضي إسرائيل على قوته او تجبره على الاستسلام .
الأخطر على حزب الله هو الاختراق الامني والذي قاد ويقود إلى تصفية قياداته عبر الاغتيالات اما المواجهة في ميدان المعركة ستكون له الغلبة بالرغم من الخسائر في أوساط المدنيين.
اسرائيل تنال دعم أمريكي وغربي في ضرب حزب الله لكن الولايات المتحدة لا تريد حرب شاملة في الاقليم وتحاول تجنب ذلك ومثلها ايران لكن اصرار نتانياهو على توسيع نطاق المعركة قد ينجح في جر حلفائه اليها نيابة عنه كما سبق واشرنا .
تصريحات نتانياهو ووزير دفاعه واجهزته المعنية بتدمير قوة حزب الله وإجباره على فصل معركته عن معركة غزة وكذلك إعادته الى ما وراء الليطاني واعادة سكان الشمال تبدو اهداف غير قابلة للتنفيذ وان اسرائيل ورطت نفسها في معركة اخرى ستكون أصعب من معركة غزة التي لم تحسم خلال عام كامل من القتال والتدمير تقريبا . هل ستكون اسرائيل مستعدة لخوض معركة مع حزب الله لمدة عام آخر ؟ لا اعتقد ذلك ولكنها سوف تستمر في التدمير والقتل عسى ان يقود ذلك إلى تليين مواقف حزب الله وإكراهه على التراجع إلى خلف الليطاني تنفيذا للقرار الأممي ١٧٠١ وفصل ارتباطه بغزة.
حزب الله اكد اكثر من مرة على ترابط معركته مع معركة غزة وانه مستعد للمواجهة التي تفرضها إسرائيل واعتقد انه سوف يطور من ضرباته النوعية وسوف يدخل اجيال جديدة من الصواريخ والمسيرات وسوف يصل إلى اعماق ابعد وفي الاخير اسرائل لم تترك له ولا لنفسها اي خيارات اخرى غير خيارات مواصلة المعركة وسوف تكشف الايام القادمة مآلات هذه الحرب وارتداداتها على الطرفين.
د. دحان النجار القاهرة ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٤م