حرب إسرائيل على غزة-غزه تخلق عالم مختلف عن عالم ما قبلها!

بقلم ✍️ أ د / دحان  النجار

صمود المقاومة في غزة في وجه اعتى قوة عسكريه وأمنية في الشرق الأوسط تحظى برعاية أمريكية وغربية خاصة خلق ظروف دولية جديده لم يكن يتوقعها السياسيون ولم تكن في حسابات الاستراتيجيون العسكريون حول العالم.

كان الكل ينتظر سقوط غزة في اقرب هجمة للجيش الذي لا يقهر لكن صمود اهل غزه والمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ والإفراط في استخدام القوة وتدمير المدارس والمستشفيات ومقرات المنظمات الإنسانية وآبار المياه والأحياء المكتظة بالمدنيين وفرض المجاعه وقتل عمال الاغاثة الإنسانية والصحفيين والمدد العسكري الأمريكي والأوروبي للجيش الاسرائيلي في معركة غير متكافئة مع مقاومة لا تمتلك اسلحة ولا عتاد عسكري مكافىء لكنها تملك الارادة والعزيمة والقوة الاخلاقية التي يتمتع بها اي شعب يرزح تحت الاحتلال ويكافح من اجل استقلالك وحريته كل ذلك أدى إلى صحوة ضمير انسانية عالمية غير مسبوقة قلبت موازين القوى السياسية والأخلاقية ضد اسرائيل وداعميها راساً على عقب.
اسرائيل اصبحت في مواجهه مع القانون الإنساني الدولي ومتابعة من قبل محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدوليتان وصورت النظام المتحضر التي كانت تتمتع بها تهشمت والحماية ضد القانون الدولي الذي تتمتع به من قبل امريكاء وبعض دول الغرب والعالم لم ولن تحميها من غضب الشعوب المتمثلة بالمظاهرات المستمره في العواصم والمدن الغربية والأمريكية وفي الجامعات والمؤسسات الاكاديمية وتقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية التي اكتشفت زيف الادعاءات الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان وعدم التمييز بسبب الدين او العرق او الجنس واحترام القانون الدولي الإنساني اثناء الحروب كل ذلك أدى إلى صحوة ضمير عالمية ليس امام إسرائيل وداعميها في خرق القوانين الدولية الإنسانية إلا الشعور بالخجل امام العالم وامام شعوبهم التي تنتفض ضدهم بشكل او بآخر.
إسرائيل التي أبتزت العالم لعقود من الزمن باسم معاداة السامية والمحارق التي تعرض لها اليهود بشكل وحشي على أيدي النازيين في أوروبا قبيل وأثناء الحرب العالمية الثانية ونالت من الحماية والتعاطف الدوليين ما لم تناله اي دولة على وجه المعمورة تقوم بارتكاب جرائم مشابهه بحق المدنيين الفلسطينيين وتتمرد على كل المعايير والقيم الانسانية وترمي بكل وسائل حماية ارواح وحقوق المدنيين عر ض الحائط كل ذلك أدى إلى صحوة ضمير شعبية ورسمية في مختلف بلدان العالم تحولت إلى تعاطف وتضامن مع الشعب الفلسطيني لم يسبق له مثيل ولن تتعافى صورة اسرائيل بعده أبدا وتعود إلى ما كانت عليه لان المتطرفين من حكامها هم من جرها إلى هذه الوضعية السيئة والتي سوف تترتب عليها كثير من التغييرات الاقليمية والدولية.
قمع الحكومات الغربية للمظاهرات المنددة بتصرفات اسرائيل الغير إنسانية في قطاع غزه كشف لشعوبها سياسة الكيل بمكيالين تجاه حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وخاصة تلك الرازحة تحت الاحتلال وآخرها الشعب الفلسطيني وهو الامر الذي قاد إلى تغيير بعض الحكومات مثل حكومة المحافظين في بريطانيا العظمى والانتخابات البرلمانية الفرنسية التي قادة إلى انتصار اليسار المناهض لاعمال الإبادة في غزة وهذا على سبيل المثال وسوف يتلوها سقوط العديد من الحكومات المؤيده لهذه الأعمال الغير إنسانية وبهذا تكون غزة بتضحياتها قد ايقضت الضمير الشعبي والرسمي العالمي والذي يؤكد بان عالم ما بعد حرب غزة لن يكون عالم ما قبلها.
الصامتون الوحيدون والواقفون ضد شعوبهم هم الحكام العرب والمسلمين وبالذات حكام دول الخليج الذين أداروا ضهورهم لاعمال الاباده والتطهير في غزه وبدل من تقديم المساعده الانسانية إلى الفلسطينيين والضغط على اسرائيل من اجل وقف الاباده الجماعية عملوا على مد ها بما تحتاجه من الغذاء والمواد الأخرى في تضامن غير مالوف ومن المتوقع ان يقود موقفها هذا إلى بعض التغييرات فيها مستقبلا لان الاحتقان ينمو والارتدادات لابد منها.
اما السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية فقد بدت عاجزه تماما حتى عن حماية غرف نومها من الهجمات الاسرائيلية وبدت عاجزه عن الكلام وكان البكم اصابها بشكل جمعي وعليه فان زمنها يعتبر منتهي اخلاقيا وإداريا وشعبيا ودوليا.
تعنت نتانياهو في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الاسرى والانسحاب كل ذلك يجر عليه غضب داخلي وخارجي والمقاومة المستمره في غزة سوف تخرج جزء كبير من جيشه عن الجاهزية مهما توغل في التدمير والتجويع والقتل وان هذا الجيش لن يستطيع ان يشن حرب موازيه في الشمال مع حزب الله او غيره كما كان يطمح من اجل خلط الأوراق والهروب من الاخفاق في غزة وخاصة ان الولايات المتحدة الأمريكية ومعها ايران يتصرفان بحذر ويعملان على عدم حدوث الحرب الاقليمية الشاملة لما لها من تبعات كارثية اقليميا ودوليا .
الوصول إلى اتفاق اصبح حول وقف القتال وتبادل الاسرى امراً ضروريا لا مفر منه للجانبين ونتانياهو وحكومته خارج الزمن حتى وان حاول تمديد عمرها فالوقائع على الارض تفرض البحث عن حل قبل ان تحدث الكارثة الشاملة.
د.دحان النجار ميشجان ٨ يوليو ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى