حرب إسرائيل على غزة- خطاب نتانياهو في الكونجرس الأمريكي من يوجه من؟

أ د / دحان النجار
ضاقة الحلقات حول نتانياهو داخليا وخارجيا واصبح مطارد من قبل محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدولية والهزيمة تنتظره على الارض وأعمال الاباده الجماعية تتكرر كل يوم وبوحشية مفرطه قبل ان يتم توقيع اي اتفاق للهدنة والتبادل بين حماس واسرائيل . نتانياهو مطارد من قبل اهالي الاسرى والمختطفين والمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ولكنه وجد ضالته في الكونجرس الأمريكي المؤيد لإسرائيل خلافا لمبادىء الديمقراطيه الأمريكية التي تكرس احترامرحقوق الإنسان وتشكل ثورة فكريه معاصره ضد التمييز والإبادة الجماعيه بما في ذلك المحارق ضد اليهود . اليوم التطرف الصهيونى يعيد انتاج المحارق ضد اليهود بمحارق ضد الفلسطينيين وكانها عملية انصاف لليهود من حارقيهم الأوروبيين ولكن الضحية هم العرب والمسلمين الذين كانوا يوما ما درع حماية لليهود في تلك الفترات وما سبقها من تجني ضد اليهود عالميا .
نتانياهو محاصر من الداخل والخارج ومن قبل الرأي العام الاوروبي والأمريكي و العالمي بسبب اعمال الاباده في غزه وكان عليه ان يأتي إلى الكونجرس ليبحث عن طوق نجاة مع المشرعين الأمريكيين وهو ما حصل بالفعل لكن لم يكن كما كان في الماضي . اكثر من ١٣٠ مشرع قاطع الجلسه بل والبعض منهم هاجم سياسة نتانياهو علنيا وعشرات من الالاف المتظاهرين حاصروه في فندق إقامته وفي صالات وباحات الكونجرس الأمريكي وفي مقدمتهم اليهود الرافضين لسياسة التمييز والاباده الجماعية وهو الأمر الذي يعزز من موقف السلام امريكياً وعالميا على اسس اخلاقية بعيدا عن التعصب الديني او العرقي.
نتانياهو ظهر في الكونجرس وكانه يوجه النصح بل والأوامر للمشرعين الأمريكيين بتبني سياسة الإبادة الجماعية تحت مضلة الدفاع عن الحضاره وكان واضحا عندما قال ان اسرائل تدافع عن امريكاء وليس العكس وهو خلط مريب للحقائق التاريخيه والانسانيه ، فبالرغم من التقاء المصالح الاستراتيجية في المنطقة إلا انه يجر الولايات المتحدة الأمريكية إلى مربعات غير إنسانية من الصراع العالمي تتناقض ومبادىء الحرية وحقوق الإنسان التي يتكفلها الدستور الأمريكي .
نتانياهو اثار في كلمته اشكاليات الإسلام الراديكالي والثورة الإسلامية الأبرأ نية وانه يجب التصدي لذلك وكانه صراع بين العالم المتحضر والعالم البربري الذي يريد خلقه ونسى انه يمارس البربرية بكل انًواعها وأشكالها ضد المدنيين الفلسطينيين وبحتل ارضهم ويرفض حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي برمته الامر الذي لم يترك لهم امل في المستقبل ومن المؤسف ان يتجاوب المشرع الأمريكي مع أخلاقيات كهذه ويقف ليصفق لاعمال الاباده الجماعيه ويرفض قرارات محكمة العدل ومحكمة الجنايات الدوليه وهو الأمر الذي يسىء للديمقراطيه الأمريكية ودفاعها عن الحريات وحقوق الإنسان عالميا.
نتانياهو ظهر في الكونجرس ليعيد التاسيس لصراع الحضارات والديانات والثقافات مختزلا العالم وتاريخه وثقافته بمصالح شرذمة يهوديه متطرفه تلقى المعارضه من قبل قطاع واسع من اليهود انفسهم لكنه بجد الدعم من قبل بعض المشرعين الأمريكيين الذين لم يصحوا من غفلتهم بعد ويقفون مصفقين بدون وعي لحقيقة الصراع القائم. لكن في المقابل هناك معارضه قويه شعبيه ورسمية تعبر عن جوهر الحريه والديمقراطية الأمريكية ومبادىء حقوق الإنسان تمثلت بمقاطعة ١٣٠ عضوا في الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكي للجلسه التي ظهر فيها نتانياهو كحاكم للولايات المتحده الأمريكية والمظاهرات خارج قاعة الاجتماعات حيث ان المعايير الإنسانية لا يمكن تجييرها عكس حقيقتها مهما بلغ التصلف والاستقوى من قبل النافذين وان تقف الولايات المتحدة الأمريكية ضد المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان الدوليه ومحكمة العدل والجنايات الدولية من اجل حماية حكومة مارقة عنصرية فهذا يعرضها لخطر استراتيجي دولي سيكون ثمنه غاليا .
اللوبي المؤيد لإسرائيل وتوجهات بعض حكامها الفاشيين اصبح ذو نفوذ ويهدد اسس الحياة الأمريكية نفسها التي قامت على اسس التحرر والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان .
من المؤسف انً ترى كثير من المشرعين الأمريكيين يقفون دون وعي وإدراك تبجيلا واستحسانا لكلمة نتانياهو الاوامرية لهم لكن في المقابل هناك النقيض داخل الكونجرس وخارجه وهو مؤشر لخارطة سياسية وانسانية جديده تتشكل ليس لمصلحة التطرف والابتزاز الصهيوني لكنها ستأخذ وقت حتى تصبح فاعلة.
العالم كله منقسم حول ما يدور في غزة وشبه مجمع حول حقوق الفلسطينيين في العودة وتأسيس دولتهم المستقله على حدود ١٩٦٧ م بما في ذلك الولايات المتحده الأمريكية نفسها إلا ان الضغط الصهيوني يجرها إلى مربعات اخرى تتناقض ومبادىء التحرر و الديمقراطية الأمريكية وهو الأمر الذي سيسبب لفقدان امريكاء لبعض من نفوذها الانساني والتحرري العالمي .
والخلاصة ان كلمة نتانياهو امام الكونجرس كانة تحريضية توجيهية تحمل الكثير من الأكاذيب وتحريف الحقائق لها مؤيدين ومعارضين لكنها خارج السياق الإنساني وتقود إلى استعار الصراع في الشرق الأوسط وعولمته من جانب واحد وفيه اسرائيل الخاسر الأكبر ولن تكون البشريه ثمن لأهواء حفنة من المتشددين اليهود .
الصراع مفتوح على مصراعيه واسرائيل لم تعد تنفرد بالمبادرة في المنطقة وعلى السياسيين اخذ ذلك بعين الاعتبار والبحث عن مخارج تظمن حقوق كل الأطراف بما يتناسب والقوانين الدولية وتعزز مبادىء الامن والسلام الدوليين . نتانياهو ليس حاكم العالم بل مجرم حرب والولايات المتحدة الأمريكية يجب ان تتحرر من هذا الوزر إذا ارادت ان تكون وتستمر قائدة العالم .
د.دحان النجار كنتاكي ٢٥ يوليو ٢٠٢٤ م