حرائق الشرق الأوسط والقرن الأفريقي من تخدم؟

 

✍️ د / دحان النجار

المتابعون للتطورات السياسية في منطقة القرن الأفريقي والجزيره العربيه والخليج إمتدادا الى سوريا ولبنان وفلسطين ومرورا بشمال افريقياء خلال الأربعين السنة الماضيه سواء ايام الحرب الباردة بين حلفي(الناتو ووارسو)سوف يلاحظ الخط التصاعدي للأحداث سواء كانت حروب بين دول او حروب أهليه داخليه بكل امتداداتها الخارجيه وأن هذا الخط التصاعدي لا زال يتعمق أكثر وأكثر.
كانت الحرب الجهاديه في افغانستان بداية شراره طابعها ديني وواعد بتغيير مساراته عند إنقضاء الحاجه،وكانت الثورة الإسلاميه في ايران هي الإخرى نذير ببدء جولة صراع إقليمي سياسي وعقائدي مؤلم لشعوب المنطقة . الحرب في افغانستان والثوره الإسلاميه في ايران وما ارتبط بها من حرب خليجيه استمرت ثمان سنوات مثلا عاملان عدم استقرار للمنطقة استغلتها القوى الكبرى وعملت على إعادة ترتيب اوراق المنطقة بما يتناسب ومصالحها الإستراتيجيه. الحرب في افغانستان شكلت طعنه مميته في خاصرة الاتحاد السوفيتي وحلفائه وتسببت في تسريع سقوطه ومثلت عامل عدم استقرار لشعوب المنطقة قادة الى اشتداد التطرف الذي خلخل الأمن النسبي في بلدان تصدير الجهاديين الذين اثاروا الحرائق من حدود الصين مرورا بافريقيا والقوقاز وصولا الى نيويورك الأمر الذي غير وجه السياسه العالميه وقاد الى سقوط دول وظهور اخرى وانذرت بعدم استقرار طويل الأمد.
الثورة الإسلاميه الإيرانيه غيرة موازين القوى في المنطقة الأمر الذي دفع بالقوى التقليديه الدينيه والعسكريه لمواجهتها دفاعا عن مصالحها وبالوكالة وكانت قمة المواجهه في الحرب العراقيه الإيرانيه والتي تسببت بعودة القوى الكبرى عسكريا وامنيا الى المنطقة بشكل سافر وخاصة بعد الغزو العراقي للكويت وهو ما تسبب في سقوط العراق وتحويله من دوله فاعله الى دويلة نفوذ لأطراف اخرى . إيران كدولة وليده ذات عمق تاريخي تمكنت من فرد اجنحتها في المنطقة انطلاقا من مبداء ( خير وسيله للدفاع الهجوم) واصبح نفوذها في اكثر من بلد بينما خصومها التقليديين مذهبيا في المنطقة تتقلص مساحة نفوذهم يوما عن يوم ويلجأون الى توثيق علاقتهم بالغرب واسرائيل كخيار لابد منه في الحفاظ على انظمتهم السياسيه.
الجهاديين العائدين من افغانستان تمكنوا من زعزعة الأمن في دول الخليج وشبه الجزيره العربيه وبلغت ذروة نفوذهم اثناء حرب صيف ١٩٩٤م في اليمن واثناء الغزو الأمريكي للعراق والمعارضة المسلحه في سوريا ولبنان .
اما القرن الافريقي فقد كان للحرب في افغانستان تاثير واضح من السودان الى كينياء والصومال قادة الى ضياع الدوله في الصومال وتقسيم السودان وإنتشار القرصنه البحريه التي تسببت بزيادة النفوذ العسكري للقوى الكبرى والفاعلة في منطقة البحر الاحمر والبحر العربي والمحيط الهندي . شرارة الصراع المسلح التفت حول بلدان الخليج لتشمل اليمن ايضا وهذه الحرائق لا يمكن لها ان تظل حبيسة حدود البلدان المشتعله مهما حاول الفاعلون حصرها حسب اهوائهم.
سقوط حلف وارسوا والاتحاد السوفيتي ادى الى سقوط النظام الشيوعي في اثيوبيا وقاد الى تقسيمها وظهور دولة اريتيريا التي دخلت في حرب حدوديه معها ولا زال عدم الاستقرار سيد الموقف الى هذه اللحظة.
الصومال لم يستقر تماما ولا زال مقسم والحرب الاهليه تضرب اطنابها في اثيوبياء وشرارتها قد تصل ما تبقى من السودان واريتيرياء وربما جيبوتي وليس من المستبعد ان يصل لهبها الى الشاطىء الآخر للبحر الأحمر ووادي النيل وتشاد وليبياء ومالي والنيجر .
إشتعال البلدان من افغانستان الى العراق وسوريا ولبنان واليمن والسودان والصومال واثيوبيا واريتيريا على شكل دائره محيطه بدول الخليج لا يمكن له ان لا يشعل حرائق فيها ولو بعد حين، ومن الواضح ان اشتعال الحرائق في منطقة تماس قارات العالم القديم ومناطق مصادر الطاقة تعتبر جزء من صراع النفوذ الدولي الاقتصادي والسياسي والعسكري الذي تتم تغذيته من قبل الكبار من أجل وضع حد أو عرقلة المنافسه الإقتصاديه في السيطره على مصادر الطاقه والاستثمار وتوفير الأمن لإسرائيل.
النظام العربي القديم المتمثل بجامعة الدول العربيه المستقله بشكلها الذي كان عند التاسيس تعرض للهدم والهدم لا يمكن ان يتوقف عند حد معين بل سوف يشمل كامل المنظومة ويظهر بأشكال مختلفه. القرن الأفريقي هو الضفة الأخرى للأمن القومي في شبه الجزيره والخليج وأي اشتعال هناك لا يمكن ان يمر دون ارتدادات على دول المنطقة. اما وان الحرائق تلتهم اليمن فهذا عامل آخر لانتشارها لأن الحروب لها مقدمات إجتماعيه وطائفيه وسياسية واقتصاديه تتشابه فيها كل دول المنطقة ، والدول التي تريد تعزيز التنمية الاقتصاديه والاجتماعيه لشعوبها لابد وان توفر لذلك بيئة جوار آمنه ما لم لن يكتب لخططهاالنجاح على المدى البعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى