القاب بالكيلو و شهادات بالجملة

 

✍️ بسمة العواملة

في بداية كل عام تنهال علينا العروض من العديد من المعاهد و الاكاديميات و مراكز التدريب و غيرها من اسماء لجامعات وهمية ، تعرض جملة من الالقاب و والرتب مثل الدكتوراة الفخرية ، شخصية العام ، ضمن مئة شخصية مؤثرة في العالم، و سفراء السلام و غيرها الكثير من الالقاب الرنانة البراقة التي يصعب حصرها
تقدم عروض لمنح هذه الالقاب مقابل دفع مبالغ مالية تتراوح ما بين المتوسطة و العالية جداَ دون رقيب او حسيب ،فلقب الدكتوراة الفخرية مثلاَ من اكثر الالقاب التي يسعى العديد من الاشخاص بالحصول عليها ليطرز بها سيرته الذاتية وقد يتطور الامر أن يصبح هذا اللقب يطلق عليه بين معارفه و اصدقاءه
دون علم منهم أن هذه الرتبه تمنح على سبيل التكريم ليس اكثر ، و بأن هناك العديد من المعايير التي يجب أن تتمتع بها الجامعات التي تمنح هذا التكريم ، كأن تكون هذه الجامعة من الجامعات العريقة و تتمتع بتصنيف دولي مميز ، بالاضافة الى مرور سنوات على حصولها على الترخيص بتدريس الدكتوراة في التحصصات العلمية و من بعدها تستطيع منح شهادة الدكتوراة الفخرية لاشخاص كانت لهم مساهمات مميزة و مؤثرة في الحقل الإنساني او الإجتماعي او غيرها من المجالات التي تركت أثر و بصمة َفي محيطهم او على مستوى الاقليم او العالم .
ولكن ضمن أسس معينه كعدم جواز التدريس الاكاديمي تحت مسمى هذه الشهادة وبالتالي لا يجوز أن يطلق على حاملها لقب دكتور و لا يجوز أن تدرج في السيرة الذاتية لصاحبها تحت بند الخبرات التعليمية و إنما يقتصر على إعتبارها شهادة تقدير ولا تعطي لحاملها اية إمتيازات .
اما ما نراه اليوم من تجاوز غير مقبول من بعض المعاهد و المؤسسات و المراكز التدريبية و التي تعلن عن استعدادها لمنح هذه الالقاب مقابل تقاضي مبالغ مالية او رسوم ، ما هو الا من قبيل النصب و الإحتيال الممنهج الذي ينطلي على الكثيرين ممن يطمحون في تحقيق مزيد من الالقاب الوهمية ، و يقع على الوزارات والجهات المعنية مسؤولية متابعة هذه الممارسات بوقفها و الملاحقة القانونية لمرتكبيها
و نظراَ لإنتشار هذه الظاهرة ولعدة إعتبارات دأبت بعض الجامعات على عدم منح هذه الشهادات ، و من الجامعات ما ذهبت الى ابعد من ذلك حيث عمدت الى سحب بعض هذه الشهادات من اشخاص سبق وأن منحتهم اياها دون إبداء الاسباب .
ولعل ما اثير منذ فترة على وسائل التواصل الإجتماعي من جدل في هذا الشأن بمناسبة منح أحد الفنانين المصريين الدكتوراة الفخرية في التمثيل و تنصيبه كسفير للشباب العربي، لاقى الكثير من الإنتقاد لعدم توخي الموضوعية و الاسس و المعايير المطلوبة لمنحه هذا التكريم ، مما حدا بمجلس إدارة المركز الثقافي الالماني الدولي بإتخاذ قرار فوري بسحب شهادات التكريم التي منحت لهذا الفنان .
هذا على مستوى شهادات الدكتوراة الفخرية ، اما ما يندرج تحت مسمى اكثر من مئة شخصية مؤثرة في العمل الانساني او الاجتماعي و غيرها من تسميات و القاب براقة فحدث ولا حرج .
فكيف لمن أمضى سنوات عمره في تحصيل العلم و والبحث ، أن يتساوى مع من دفع حفنة من الدولارات بمقابل حصوله على اللقب ، ملف يحتاج لوقفة طويلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى