الحرب الروسية الاوكرانية-هل يتمكن الرئيس ترامب من ايقافها؟

أ د / دخان النجار

المشكلة الروسية الاوكرانية تعتبر احد اهم المشاكل الدولية تعقيدا في قتنا الراهن لما تمثله من صراع نفوذ بين القوى الدولية الكبرى والتي من الصعب ان تخضع بعضها البعض نهائيا على ارض المعارك لاسباب اعتبارية سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

حاليا المعارك لا زالت محتدمة في اقاليم الدونباس الاوكرانية ومقاطعة كورسك الروسية وكلا الطرفان يبحثان عن نقاط تفوق او معادلة تقود إلى تحسين الموقف التفاوضي في حالة تقدمت ادارة الرئيس ترامب بمقترح لوقف الحرب بين البلدين.
وفي الوقت الذي أطلقت فيه أوكرانيا هجومًا مضادًا في مقاطعة كورسك الروسية، بهدف إلى تشتيت الانتباه عن التراجعات الميدانية على جبهة دونيتسك، تمكنت القوات الروسية من صد هذا الهجوم واستغلال الوضع لتكثيف هجماتها في دونيتسك وزاباروجيا.
وفي تحرك عسكري لافت، سيطرت القوات الروسية على مدينة تورسك في مقاطعة دونيتسك.ووفقاللتقارير الميدانية، تسعى القوات الروسية للتقدم شمالًا نحو مدينة كوستانتنفكا الإستراتيجية.
وبحسب سكاي نيوز عربية وفي خطوة مفاجئة جديدة، بدأت أوكرانيا ، صباح أمس الأول الأحد، هجوما جديدا على 3 محاور في عمق مقاطعة كورسك الروسية، بمشاركة وحدات تضم نحو ألفي جندي .
تمكنت القوات الاوكرانية خلال هذا الهجوم من السيطرة على مساحة قدرها موقع “ديب تيت” لخرائط الحرب بنحو 157 كم٢ . ليصل اجمالي مساحة الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا في المقاطعة إلى ما يزيد عن 600كم٢ وهي تقريبا ضعف مساحة قطاع غزة.
ويبدو ان نتيجة الهجوم هذه قوبلت بتفهم أمريكي ففي زيارته لكوريا الجنوبية اعتبر وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ان موقف أوكرانيا في كورسك مهم لانه سبؤخذ بعين الاعتبار عند اي مفوضات قد تجري مستقبلا.
وبحسب المصدر نفسه في حديثه خلال مؤتمر صحفي بمنتجعه في ولاية فلوريدا، عبر الرئيس ترامب عن أسفه لأنه لن يلتقي الرئيس الروسي. بوتين قبل تنصيبه.
وحمل الرئيس المنتخب ترامب الرصالمنتهية ولايته جوًبايدن مسؤلية تغيير الموقف الأمريكي بشان انضمام أوكرانيا الى حلف الناتو.
وقال ترامب: “جزء كبير من المشكلة هو ان روسيا لسنوات عديده وقبل وقت طويل من بوتين ، قالت لا يمكن لحلف شمال الأطلسي ان يتدخل في أوكرانيا”. واضاف:”وفي مرحلة ما قال بايدن (لا يجب ان يتمكنوا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي) . حسنا اصبح لدى روسيا كيان يقف على عتبة بابها ويمكنني أن أتفهم مشاعرها بشان هذا الأمر”.
وفي المقابل عبّر اعضاء حلف شمال الأطلسي الناتو رسميا عن دعمهم لإنضمام أوكرانيا بوقت مبكر منذ قمة بوخارست 2008، وتواصل ادارة بايدن دعم انضمام كييف في نهاية المطاف الى الناتو لكنها اي كييف لم تتلق اي دعوة رسمية بعد للانضمام إلى التكتل العسكري اي ان دعوة انضمام كييف إلى الناتو لم تكن وليدة اللحظة او من افكار الرئيس الناتو لم تكن وليدة اللحظة او من افكار الرئيس بايدن.
وبحسب قناة الجزيرة البث الحي اعلن حلفاء أوكرانيا اليوم الخميس 2025/1/9انهى سيقدمون مساعدات عسكرية إضافية لها تشمل 30الف طائرة مسيرة هجومية بينما قال الرئيس فلاديمير زياينسكي إن نشر قوات غربية في بلاده ربما يرغم روسيا على السلام.
فقد قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال اجتماع مجموعة الاتصال العسكري الخاصة بأوكرانيا في قاعدة رامشتاين بألمانيا إن بلاده ستقدم حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 500مليون دولار واضاف ان هذه الحزمة تتضمن صواريخ إضافية لسلاح الجو الاوكراني ومزيدا من الدخائل وذخاغارض-جو وعتاد آخر لدعم طائرات إف 16 الاوكرانية وصواريخ بعيدة المدى تعزز قدراتها البحرية لهزيمة روسيا في البحر الأسود وكما قال ان أعضاء المجموعة تعهدوا خلال السنوات القليلة الماضية بدعم كييف باكثر من 122مليار دولار كمساعدات أمنية ، مشيرا إلى أن دولا بينها بريطانيا وألمانيا والنرويج ستقدم مساعدات عسكرية لأوكرانيا بمليارات الدولارات خلال العام الجاري.واعتبر ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يحقق اياً من اهدافه في أوكرانيا وغرق في مستنقع الحرب ، مشددا على ان الحلفاء مصصموم على عدم السماح له بكسب الحرب لأن ذلك سيغري من وصفهم بطغاة اخرين.
من جهته قال وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن ان الولايات المتحدة الأمريكية وأكثر من 50دولة تقف موحدة لضمان امتلاك أوكرانيا القدرات التي تحتاجها للدفاع عن نفسها في مواجهة ما وصفه بالعدوان الروسي.
وشارك في الاجتماع الامين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي الناتو مارك روته وقاده عسكريون ومسؤولون من 50 دولة لبحث احتياجات أوكرانيا في ساحة المعركة ودعمها. وبحسب قناة الجزيرة ايضًا قال ديمتري ميدفيدف نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسياليوم الخميس ان النجاح السريع الذي يريد الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب تحقيقه في حل الصراع الاوكراني امر مشكوك فيه للغاية ، واضاف ميدفيديف في تصريحات صحفية انه لن يكون هناك حل سريع للصراع في أوكرانيا . وسيستمر الاقتصاد الأمريكي في التباطؤ-بالإشارة إلى محاولة ترامب إنعاشه – وحتى محاربة المهاجرين من غير المرجح ان تنتهي بانتصارات مدوية وفق تعبيره. وتاتي تصريحات ميدفيديف بينما يتسارع تقدم القوات الروسية في منطقتي دونيتسك وزاباروجيا شرق وجنوب شرق أوكرانيا.
وقالت موسكو مرارا إن أي مفاوضات سلام يجب ان تاخذ بعين الاعتبار شروطها لإنهاء الحرب بما في ذلك الإعتراف بضم الأراضي التي سيطرت عليها في شرق وجنوب شرق أوكرانيا.
في ضؤ ماسبق نستطيع ان نستنج ان قرار انضمام أوكرانيا إلى الحلف لم يكن قرارا خاصا بإدارة الرئيس جو بايدن بل كان قرارا جماعيا لأعضاء حلف الناتو وجرى تأجيله لاسباب غير معروفه وربما اهمها عدم استفزاز روسيا حينها وإنضاج الظروف لذلك الانضمام مستقبلا.
ايضا من الواضح ان اعضاء حلف الناتو واكثر من 50 دولة تدعم أوكرانيا في اجتماعها الأخير استبقت تنصيب الرئيس ترامب واحتمال اتخاذه قرارا غير مرضيا لها بشان حرب أوكرانيا مع روسيا وأقلها توقيف المساعدات العسكرية والاقتصادية فقد استبقت ذلك بتخصيص المساعدات اللازمة لصمودها حتى تتضح الرؤية بعد تنصيبه.
أما الرئيس المنتخب دونالد ترامب فمن الواضح انه لا يحبذ استفزاز روسيا ولا استمرارية الحرب الحالية انطلاقا من رغبته في إطفاء البؤر المحترقة في العالم والتفرغ للبناء الاقتصادي وجعل أمريكا عظمى مرة اخرى حسب تعبيره لكن هل تسمح له المؤسسة العسكرية بانها هذه الحرب الاستنزافية لكل الأطراف وبحسب شروط الرئيس بوتين الحالية المتمثلة بمطالبه في الاعتراف بضمه للأقاليم الاوكرانية التي يسيطر عليها وعدم انضمام أوكرانيا الى الناتو؟
باعتقادي بان دول حلف الناتو سوف تعارض ذلك وكذلك المؤسسة العسكرية والأمنية الأمريكية لان انهاء الحرب بانتصار روسيا سيكون كارثيا على دول الحلف وحينها سوف يتم إقناع الرئيس ترامب في تغيير او تعديل موقفه بما ينسجم مع سياسات الدولة العميقة وحلف الناتو ولو جزئيا ومع ذلك لا نستبعد اتخاذه قرارا حاسما بشأنها لان من صفاته التمرد على المسلمات ومنها مسلمات الدولة العميقة ولديه من القوة التشريعية والتنفيذية ما يمكنه من تنفيذ أفكاره الداخلية والخارجية.
د.دحان النجار ٢٠٢٥/١/٩ ولاية تنسي الأمريكية