القراء الأعزاء: أحييكم تحية عهد جديد وفجر جديد سيبزغ غدا على أمريكا والعالم بأسره.


بعد 17 ساعة من كتابة هذه السطور، سيصبح الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، رئيسا للولايات المتحدة. وستلقى على كاهله تركة ثقيلة، طاويا بذلك فصلا يعتبره الكثيرون من المراقبين اعتداء وتماديا من جانب الرئيس الذي تنتهي رئاسته قبل الثانية عشرة ظهرا من يوم غد. إنه الرئيس دونالد ترامب الذي افترى كثيرا على الحقيقة والقانون طوال أربع سنوات طوال، اتسمت بالفساد والمحسوبية أو الانتقام

U.S. President-elect Joe Biden and his wife Jill Biden 

.
يأتي تنصيب بايدن غدا بعد أسبوع حافل بالأحداث شهدتها الأمة الأميركية المنهكة، حيث يستبد بها المرض والوباء، والموت، ودمار الاقتصاد، والانقسامات السياسية والاجتماعية. ولكني أنظر إلى هذا التغيير بوصفه إيذانا بعهد جديد وانتصارا للمبادئ الدستورية على الإفك والتمرد والعصيان بانتقال السلطة من رئيس إلى آخر. آخرها رفض ترامب تسليم الحقيبة النووية، حيث أصر على أخذها معه إلى فلوريدا، بحجة أنها سيعيدها مع حارسه الشخصي، ولكن الاستخبارات العسكرية ستبطل مفعولها، وتفعل الحقيبة الجديدة التي ستكون بحوزة بايدن. تصرف طفولي حقا.
يبدأ الأسبوع بدلالات لا لبس فيها على أن رئاسة جديدة ستسير بسرعة بينما تتفكك إدارة قديمة في خزي وعار وفوضى لن يغفرها التاريخ. وفي خضم توقعات بأن يصدر ترامب من بين قراراته الأخيرة بحكم منصبه أكثر من 100 عفو (وفقا للإعلام الأميركي) مثيراً للجدل، سيخص في هذا العفو مجموعة من أصدقائه وزبانيته وأصدقاء أصدقائه، فيما يواجه فريق بايدن الجديد أخطر التحديات الوطنية، تحديات لم تواجهها أي إدارة أميركية منذ أكثر من 100 عام، بالاقتران مع تفشي وباء كوفيد-19، الذي قتل أكثر من 400 ألف مواطن أمريكي، بينما تتعثر جهود توزيع اللقاحات، واقتصاد مدمر.
يجري تنصيب بايدن في تحت مظلة مكونة من أكثر من ثلاثين ألف من بين قوات الأمن والحرس الوطني، والشرطة السرية ورجال مباحث مكتب التحقيقات الفدرالية، بالإضافة إلى قوة أمن العاصمة واشنطن، ومجموعات كبيرة من الأسوار والحواجز الحديدية البشعة التي تطوق البيت الأبيض ومبنى الكابيتول (الكونغرس) وتنال من جمالهما المعماري، لحماية عملية التنصيب من أشرار العصابات العنيفة المؤيدة لترامب. إن هذا الاستعداد غير المسبوق يجسد إرث ترامب المتميز بالتحريض على الكراهية والعنف. لن تكون هناك حشود تتجمع كالعادة في الباحة الوطنية للسوق الوطني أوNational Mall، التي لطالما اعتبرت مفخرة واشنطن بنصبها التذكارية ومتاحفها الشهيرة، كما لن تكون هناك لقطات للرئيس الجديد والسيدة الأولى خلال تنقلهما من صالة رقص إلى أخرى كما جرت العادة، وكأن المهرجان الصامت يسلط الضوء على المهمة التي أوكلها الأميركيون إلى الرئيس الأكبر سناً في تاريخ الولايات المتحدة.
بعد أربع سنوات من جروح وندوب العنصرية في أميركا التي استخدمها ترامب كأداة للسلطة، ستكون هناك مشاعر إيجابية بتشكيل تاريخ جديد، حيث ستصبح السناتورة عن ولاية كاليفورنيا كامالا هاريس أول امرأة سوداء، ابنة لمهاجرين، تتولى منصب نائب رئيس الولايات المتحدة، بعد أن تؤدي اليمين الدستورية أمام قاضية المحكمة العليا من أصول لاتينية، سونيا سوتومايور.
فريق بايدن، الذي عرقل مهمته رفض ترامب السماح بانتقال سلمي وتعاوني، يستعد لجهود الحكومة الفيدرالية على جبهات متعددة لمكافحة جائحة كوفيد -19، التي فشل ترامب في التصدي لها بفعالية، أو حتى الإقرار بوجودها أحياناً، لأنها في نظره أمر مزعج يقض مضاجعه، بل فسرها أحياناً بوصفها مؤامرة يحيكها له أعداؤه للنيل من إنجازاته.
أما الرئيس المنتخب بايدن فيحذر من أن الحالة الصحية العامة المزرية ستزداد ترديا قبل أن تبدا بالتحسن، لكنه يدعو إلى الوحدة ويسعى إلى إلهام الأميركيين الذين أصيبوا بمرض فيروس كوفيد القاتل طوال مدة 10 أشهر، كانت أشهر مروعة. إنه يسعى إلى تعبئة جهود الحكومة والجماهير لشن هجوم مضاد ونهائي على الفيروس الفتاك.
قال بايدن يوم الجمعة (15/ 1): “في خضم مخاطر هذه اللحظة، أريدكم أن تعرفوا، أنني أقطع لكم وعداً بالانتصار على الوباء؛ الآن نشعر بالتفاؤل الكبير حيال أميركا، كما كنا في أي وقت مضى. لدينا كل ما نحتاجه، ولكن يجب علينا التحلي بالإرادة. لذلك عندما يحل يوم الأربعاء سنبدأ فصلا جديدا”.
يستعد بايدن لاتخاذ طائفة من الأوامر الرئاسية التنفيذية في اللحظة التي يتولى فيها مهام منصبه، بما في ذلك العودة إلى اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، وإنهاء حظر السفر للمواطنين من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة، مما سيغير وجه أميركا في الساحة العالمية.

مع تحيات شعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى