عنف المرأة تدمير الاسرة والمجتمع .

✍️ أ / ثريا بن رحو


يشكل العنف ضد المرأة انتهاكا واضحا وصريحا لحقوق الانسان تتعرض فيه الكثير من النساء الى أشكال و طرق مختلفة للتعنيف الذي يؤثر سلبا على المرأة وعلى اسرتها ومجتمعها عامة حيث يمنعها من التمتع بحقوقها كاملة. فهذه الظاهرة العامة يترتب عليها الكثير من الآثار السلبية الاجتماعية والاقتصادية والصحية والى غير ذلك.
للأسف الشديد، نجد اسمرار وانتشار كبير لأفعال عنيفة شاذة تمارس بشكل مقصود ضد المرأة ،جريمة نكراء في حقها لأجل إخضاعها او إذلالها او كرها لها حسب النظرة الدونية التي تتلاقاها من محيطها الاجتماعي او على حسب العلاقات الشخصية التي تربطها باشخاص معينين ،مشكلة صحية رئيسية في حق المرأة كإنسان من المفروض أن تصنف على أولويات الحقوق المضمونة والمعمول بها داخل المجتمع لان المرأة تعتبر الجزء المهم والأهم في بنائه وتطويره وتنميته ، لكن لا زالت العقلية الذكورية تنظر الى المرأة على انها جسد وليس روح وليست مثلها مثل الرجل فيبقى السلوك الممارس ضدها جسديا ونفسيا المدفوع والمدعوم بالعصبية الجنسية والتهديد بانواعه وأشكاله والحرمان وتقييد حريتها،معانات لا حصر لها تعيشها المرأة في كبد تعيقها وتمنعها من التمتع بحقوقها الكاملة .
ظاهرة عامة منتشرة في كل المجتمعات ومن أكثرها انتشارا عنف الزوج او من أحد اخوانها او عائلتها من الذكور اعتداء بالضرب او استخدام أدوات معينة يؤدي ذلك الى اثار نفسية جسدية او عاهة دائمة عنف جسدي قد يؤدي في بعض الأحيان الى الوفاة.
تتلقى المرأة اشكال متنوعة من العنف الممارس عليها اذ يعتبر كذلك النفسي واللفظي من كلام جارح وشتائم وألفاظ مهينة والتهديد انعكاسا خطيرا على صحتها الى درجة الاكتئاب .
ثم يأتي العنف الجنسي على قائمة السلوك الاإنساني التي تتعرض له المرأة اذ يأخذ أشكال كثيرة منها التحرش الجنسي او تهديد جنسي او اعتداء جنسي بالإكراه او الاغتصاب سواء من الزوج او الغرباء او وجود المرأة داخل المناطق التي تُعاني من حالات عدم الاستقرار السياسي والحروب.
العنف الاقتصادي وهو العنف الذي يحرم المرأة من الاستقلالية المادية كونها لا تعمل ولم تكمل تعليمها او لم تحصل على حقها في التمدرس او التكوين وعدم قدرتها على اختار عمل ما تحب هي ،وتبقى خاضعة وتابعة لاحد أفراد اسرتها اذ يتم حصر مجال عملها للطبخ والغسيل وتربية الابناء و خدمة الزوج والأعمال المنزلية عامة .
فالتقليل من شخصية المرأة وتصنيفها في زاوية معينة كونها مخلوق غير مكتمل ومتكامل كما يصفها البعض على انها ناقصة عقل ودين هو تقليل في حق المرأة وطمس لحقوقها المشروعة في الحياة فرغم ضعفها الجسدي او بنيتها تبقى كائن بشري قادر على العطاء بقوة لانها تعتبر السند الحقيقي للرجل والحضن الذي يترعرع فيه والأحشاء التي احتوته وهو نطفة والقلب الحنون والراعي الذي يرعاه حتى ينمو ويكبر ويشتد عضده فالمرأة مدرسة ومعلمة في حياة كل إنسان يجب على الاسرة والمجتمع أن يحميها من كل أشكال العنف والأذى أكان جسدي أم نفسي وان تتمتع بجميع حقوقها وأن يكون حتى للمربية والغير العاملة التي ترعى البيت والاسرة مقابل مادي على ذلك حتى يثبت لها كرامة العيش والاستقلالية وعدم إذلالها وتركها تحت رحمة من يصرف عليها كما يجب أن يتقي كل الرجال وجه الله في معاملة المرأة ومساعدتها ودعمها حتى تقوم بالدور المنوط بها على أحسن الاحوال .
فالعنف ضد النساء يأسس لمجتمعات تسبح في مستنقعات من المشاكل التي لا حصر لها ويظهر ذلك جليا في قاعات المحاكم من مشاكل الطلاق والنفقة والسجن ،يؤدي فيها الابناء الثمن من انحراف سلوكي اخلاقي وتعاطي المخدرات بسبب التفكك الأسري الذي ينتج عن العنف والعصبية بين الزوجين وعدم احترام الاخر .
فالأمر يتطلب المزيد من الجهود التي تتبناها الكثير من المنظمات الحقوقية لإيقاف العنف ضد المرأة والقضاء على المفاهيم السائدة والأسباب التي تسمح لتعنيفها كونه امر مشروع للرجل بحجة انه الوصي عليها او انه عنيف بطبيعته ولا يتحكم في نفسه .كما يجب أن لا يتم تزويج الفتيات في سن مبكرة وحرمانها من التعليم والتثقيف والتكوين حتى تكون عنصرا نافعا داخل بيئتها ومجتمعها .
كما يجب كذلك اشراك المرأة في الحياة العامة وإعطاء المسؤولية للنساء والثقة في قدرتهن على العطاء .
يجب حتما وضرورة تفعيل القوانين الخاصة بحقوق المرأة سواء على صعيد العمل او الاسرة وتعديلها حسب الزمن والمكان
من شأنها القضاء على جميع أشكال العنف ضمن معايير حقوق الإنسان الدولية، اذ تهدف القوانين إلى تجريم العنف ضد المرأة ومعاقبة الجناة بالإضافة إلى دعم وتمكين الضحايا وتعزيز ثقتهم بنفسهم.
كما يجب ايضا الحسم في العمل سريعاً على دحر الثقافة القائمة على تهميش المرأة والإساءة لها، ويكون ذلك عبر خططٍ اجتماعيةٍ وتنمويةٍ تشاركية، تُساهم فيها المؤسسات الرسمية الفاعلة، والمنظمات الأهلية والمدنية في المجتمع، ورجال الإصلاح والدين، ووسائل الإعلام المحلية وتسليط الضوء بشكل قوي يضمن حماية المرأة من هذا السلوك الذي يجبرها أن تعيش أشكال متنوعة من العبودية في زمن يقر حريات الفرد والجماعات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى